للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبكلِّ حالٍ؛ يجوزُ اجتهادُ الرأيِ للقاضي والمفتي إذا لم يجِدِ الحادثة في نصِّ الكتابِ والسُّنَّةِ؛ كقولِ جماهيرِ السَّلَفِ وأئمةِ الفقهاءِ؛ كمالكٍ، والأوزاعيِّ، والثوريِّ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ، وأحمدَ بنِ حنبلٍ، وأبي عُبَيدٍ، وغيرِهم، واستدلوا على ذلك بدلائلَ؛ مثلُ: كتابِ عمرَ إلى أبي موسى: «اعرِفِ الأشباهَ والنظائرَ، وقِسِ الأمورَ برأيِكَ» (١).

وقد تكونُ تلك الحكومةُ في الكتابِ والسُّنَّةِ على وجهٍ خفيٍّ، لم يُدرِكْه، أو تكونُ مركبةً من مقدمتينِ بآيتين؛ الكتابِ والسُّنَّةِ، لكنَّه لم يتفطَّنْ لذلك؛ فيجوزُ له أن يجتهدَ برأيِه حينئذٍ؛ لكونِه لم يجِدْ تلك في الكتابِ ولا في السُّنَّةِ، وإن كانت فيهما.

ثم قولُه: {فلم تجدوا ماء فتيمموا}؛ وإن كان قد يكونُ الماءُ تحتَ الأرضِ، وهو لا يَعرفُ به، وكذلك قولُه: {فمن لم يجد فصيام شهرين}، و {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها}.

والقياسُ الذي يسوغُ؛ مثلُ أن يردَّ القضيةَ إلى نظيرِها الثابتِ بالكتابِ والسُّنَّةِ، أو يَفهمَ علةَ الحكمِ التي حكَم الشارعُ لأجلِها، ويجدَها في الصورةِ التي لم يجدْها في النصِّ، وهذا من قياسِ التعليلِ، والأولُ قياسُ التمثيلِ.


(١) رواه الدارقطني (٤٤٧١)، والبيهقي في الكبرى (٢٠٥٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>