للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقط، فهو من أهلِه، وإن وُجِدا معًا استحَقَّ الجنةَ والنارَ.

فالذي معَه كِبْرٌ وإيمانٌ يستحِقُّ النارَ، فيُعذَّبُ حتى يزولَ الكِبْرُ من قلبِه، وحينئذٍ يدخل الجنةَ، وما في قلبِه كِبْرٌ ولا مِثْقالُ ذرةٍ منه، كما أنه لو تاب منه لم يكُنْ من أهلِه.

وكذلك إذا عُذِّبَ بذنبِه في الدنيا أو في الآخرةِ لم يكُنْ حينئذٍ من أهلِه.

فقولُه: «لا يدخُلُ الجنةَ إلا نفسٌ مؤمنةٌ» (١) حقٌّ أيضاً، إذا أُريدَ به الدخولُ المُطلَقُ الكاملُ؛ أُريدَ بالمؤمنِ المؤمنُ الكاملُ المُطلَقُ، وإذا أُريدَ بالدخولِ مُطلَقُ الدخولِ حتى يتناولَ الدخولَ بعدَ العذابِ؛ فإنه يُرادُ به المؤمنِ المطلق؛ حتى يتناولَ الفاسقَ الذي في قلبِه مثقالُ ذرةٍ من إيمانٍ، فإن هذا يدخُلُ في مُطلَقِ المؤمنِ؛ كقولِه: {فتحرير رقبة مؤمنة}، ولا يدخُلُ في المؤمنِ المُطلَقِ؛ كقولِه: {إنما المؤمنون الذينَ إذا ذكر الله وجلت قلوبهم … } الآيةَ.

ومثلُ هذا كثيرٌ في الكتابِ والسُّنَّةِ، ينتفي الاسمُ عن المسمَّى تارةً؛ لنفيِ حقيقتِه وكمالِه، ويثبتُ له تارةً؛ لوجودِ أصلِه وبعضِه؛ حتى يقالَ عن العالِمِ القاصرِ، والصانعِ القاصرِ: هذا عالِمٌ، وهذا صانِعٌ، بالنسبةِ إلى مَن لا يعلمُ، ويُقالُ: هذا ليس بعالِمٍ، ولا صانعٍ، لوجودِ نقصِه


(١) رواه أحمد (٥٩٤)، والنسائي (٢٩٥٨)، والترمذي (٣٠٩٢)، من حديث علي رضي الله عنه. ورواه البخاري (٣٠٦٢)، ومسلم (١١١) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه بلفظ: «إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة».

<<  <  ج: ص:  >  >>