للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مارقةٌ على خيرِ فرقةٍ من المسلمِينَ، تقتُلُها أَوْلى الطائفتينِ بالحقِّ» (١)، فتضمَّنَ الطوائفَ الثلاثةَ، وتبيَّنَ أن المارقةَ نوعٌ ثالثٌ، ليسوا من جنسِ أولئكَ، فإن طائفةَ عليٍّ أَوْلى بالحقِّ من طائفةِ معاويةَ، وقال في حقِّ المارقينَ: «يحقِرُ أحدُكم صلاتَه معَ صلاتِهم، وصيامَه معَ صيامِهم، وقراءَتَه معَ قراءتِهم، يقرؤونَ القرآنَ لا يجاوزُ حناجِرَهم، يمرُقونَ من الإسلامِ كما يمرُقُ السهمُ من الرميةِ، أينما لقيتُموهم فاقتلوهم، فإن في قتلِهم أجرًا عندَ اللهِ لمن قتَلَهم يومَ القيامةِ» (٢).

وقد روى مسلمٌ أحاديثَهم في صحيحِه من عشرةِ أوجهٍ، واتَّفَقَ الصحابةُ على قتالِ هؤلاءِ.

وأما أهلُ الجملِ وصِفِّينَ؛ فكان طائفةٌ قاتلَتْ من هذا الجانبِ، وطائفةٌ من هذا الجانبِ، وأكثرُ الصحابةِ لم يُقاتلوا؛ لا معَ هؤلاءِ ولا معَ هؤلاءِ، ومدَحَ رسولُ اللهِ الحسَنَ؛ لأن اللهَ يصلحُ به بينَ فئتينِ عظيمتينِ من المسلمِينَ (٣)، فلم يكُنِ القتالُ واجبًا ولا مستحَبًّا، بخلافِ الخوارجِ؛ فإنه أمَر به رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأجمعَتْ عليه الأمةُ، فكيف يسوَّى بينَ ما أمر به وحضَّ عليه، وبين ما مدَحَ تاركَه وأثنى عليه؟! فمن سوَّى بين قتالِ الصحابةِ وبينَ قتالِ ذي الخُوَيْصِرةِ وأمثالِه من الخوارجِ؛


(١) تقدم تخريجه ص .... ظظ
(٢) تقدم تخريجه ص .... ظظ
(٣) رواه البخاري (٢٧٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>