للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

به الموتُ، نحو قولهم: {إذا الشمس كورت}: أنها العقل إذا غاب بالموت، {وإذا النجوم انكدرت}: أنها أعضاءُ الإنسانِ وحَواسُّه، {وإذا الجبال سيرت}: أنها أعضاؤُه الكبارُ التي يحمِلُها الحاملونَ إلى القبرِ، {وإذا العشار عطلت}: أنها ما في بدَنِه من الأرواحِ البخاريةِ وقُواها، وأمثالِ هذه التأويلاتِ التي يذكُرُها مثلُ السُّهْرورديِّ المقتولِ على الزَّنْدَقةِ في الألواحِ العماديةِ (١)، ويذكُرُها مَن يذكُرُها مِن المتفلسفةِ القرامطةِ الباطنيةِ.

فإن القيامةَ الكبرى مما عُلِم بالاضطرارِ من دينِ الإسلامِ، ومَن تدبَّرَ القرآنَ وتفسيرَه، والأحاديثَ المتواترةَ عنه صلى الله عليه وسلم، وعن أصحابِه، وسائرِ الأئمَّةِ؛ عَلِم ذلك كما يَعلَمُ أن محمدًا جاءَ بالصَّلاةِ، وبالصومِ، وحجِّ البيتِ العتيقِ، وتحريمِ الفواحشِ، ونحوِ ذلك، كما في أولِ سورةِ الواقعةِ، وقال في آخِرِ السورةِ: {فلولا إذا بلغت الحلقوم}، فهذا تفصيلٌ لحالِ الموتِ، وأول السورةِ لذكرِ القيامةِ.

وكذلك قولُه: {لا أقسم بيوم القيامة}، ثم قال: {ولا أقسم بالنفس اللوامة أيحسب الإنسان ألن نجمع عظامه}، فجَمْعُ عظامِه هو في القيامةِ الكبرى، إلى قولِه: {كلا إذا بلغت التراقي


(١) ذكره شيخ الإسلام وذكر كتابه الألواح العمادية في مواطن من كتبه، وهو شهاب الدين يحيى بن حبش بن أميرك السهروردي الفيلسوف، قال شيخ الإسلام: (المقتول على الزندقة صاحب "التلويحات" و "الألواح" و "حكمة الإشراق"، وكان في فلسفته مستمِدًا من الروم الصابئين والفرس والمجوس). ينظر: مجموع الفتاوى ٩/ ١٨، سير أعلام النبلاء ٢١/ ٢٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>