للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الحزنُ فلم يأمُرِ اللهُ به؛ بل نهى عنه في مواضعَ؛ مثلُ: {ولا تهنوا ولا تحزنوا}، {لا تحزن إن اللهَ معنا}، {لكيلا تحزنوا}، وذلك لأنه لا يجلبُ منفعةً ويدفعُ مَضَرَّةً؛ فلا فائدةَ فيه، وما لا فائدةَ فيه (١) لا يأمُرُ اللهُ به.

نعم؛ ولا يأثَمُ صاحبُه إذا لم يقترنْ بحزنِه محرمٌ، كما يحزنُ على المصائبِ، كما قال: «إن اللهَ لا يُؤاخِذُ على دمعِ العينِ، ولا على حزنِ القلبِ» (٢).

وقد يقترنُ الحزن بما يُثابُ صاحبُه عليه ويُحمَدُ عليه، فيكونُ محمودًا من تلك الجهةِ، لا من جهةِ الحزنِ، كالحزينِ على مصيبةٍ في دينِه، وعلى مصائبِ المسلمِينَ عمومًا؛ فهذا يُثابُ على قدرِ ما في قلبِه من حبِّ الخيرِ وبغضِ الشرِّ وتوابعِ ذلك، ولكن الحزنَ على ذلك إذا أفضى إلى تركِ مأمورٍ من الصبرِ والجهادِ وجلبِ منفعةٍ ودفعِ مضرةٍ؛ نُهِيَ عنه، وإلا كان حسْبُ صاحبه رفعَ الإثمَ عنه من جهةِ الحزنِ.

وأما إذا أفضى إلى ضعفِ القلبِ واشتغالِه به عن فعلِ ما أمَر اللهُ به ورسولُه؛ كان مذمومًا من تلك الجهةِ، وإن كان محمودًا من جهةٍ أخرى.

وأما المحبةُ له، والتوكلُ عليه، والإخلاصُ له؛ فهذه كلُّها خيرٌ


(١) قوله: (فيه) سقطت من الأصل، وهي مثبتة في (ك) و (ع).
(٢) رواه البخاري (١٣٠٤)، ومسلم (٩٢٤)، من حديث ابن عمر رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>