للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بدخولِ أهلِ الكبائرِ النارَ، وخروجِهم منها بشفاعةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وسَلَفُ الأمةِ وأئمَّتُها متفقونَ على ما جاءَتْ به السننُ.

وقد يفعلُ العبدُ من الحسناتِ ما يمحو اللهُ به بعضَ الكبائرِ، كما غفَر للبغيِّ بسَقْي الكلبِ (١)، وقولِه لأهلِ بدرٍ: «اعمَلوا ما شئتُم؛ فقد غفرتُ لكم» (٢)، ولكن هذا يختلفُ باختلافِ الحسناتِ ومقاديرِها، وصفاتِ الكبائرِ ومقاديرِها، فلا يمكِنُنا أن نُعيِّنَ حسنةً تُكفَّرُ بها الكبائرُ كلُّها غيرَ التوبةِ، فمن أتى بكبيرةٍ ولم يتُبْ منها؛ ولكن أتى معها بحسناتٍ أُخَرَ، فهذا يقفُ أمرُه على الموازنةِ والمقابلة، {فمن ثقلت موازينه فهو في عيشة راضية ومن خفت موازينه فأمه هاوية}، فلهذا كان صاحبُ الكبيرةِ تحتَ الخطرِ ما لم يتُبْ منها، فإذا أتى بحسناتٍ؛ يُرجَى له بها محوُ الكبيرةِ، وكان بينَ الخوفِ والرجاءِ.

والحسنةُ الواحدةُ قد يقترنُ بها من الصدقِ واليقينِ ما يجعلُها تكفِّرُ الكبائرَ؛ كالحديثِ الذي في صاحبِ البطاقةِ، الذي يُنشَرُ له تسعةٌ وتسعونَ سِجِلًّا مدَّ النظرِ، ويُؤتَى ببطاقةٍ فيها كلمةُ: لا إلهَ إلا اللهُ، فتُوضَعُ البطاقةُ في كِفَّةٍ، والسِّجِلَّاتُ في كِفَّةٍ، فثقُلَتِ البطاقةُ وطاشَتِ السجلاتُ (٣)، وذلك لعِظَمِ ما في قلبِه من الإيمانِ واليقينِ، وإلا فلو


(١) رواه البخاري (٣٤٦٧)، ومسلم (٢٢٤٥)، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) رواه البخاري (٣٠٠٧)، ومسلم (٢٤٩٤)، من حديث علي رضي الله عنه.
(٣) رواه أحمد (٦٩٩٤)، والترمذي (٢٦٣٩)، وابن ماجه (٤٣٠٠)، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>