يمكن أن يكون قوله:{أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي} بيانًا لقوله: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} إذا كانت القصَّة واحدةً، وعلى كلِّ حالٍ فهذه الآية تدلُّ أنه لم يدَّع مُلْك العالم فضلًا عن ربوبيَّته العظمى، وأنه لم يدَّع ربوبيَّةً في مصر أكثر من كونه مَلِكَها، وعلى هذا فيمكن أن يكون أراد بـ (ربُّكم): مَلِكَكم، أو المُلْك مع الألوهيَّة [٤٤٢] , على ما يأتي.
وقال البيضاويُّ في تفسير قوله تعالى:{أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى}: «أي: أعلى كلِّ (١) مَن يَلِي أمرَكم».
قال الشيخ زاده في حواشيه:«يريد أنه لم يرد بقوله: {أَنَا رَبُّكُمُ} أنا خالق السماوات والأرض وما بينهما وما فيهما؛ فإن العلم بفساد ذلك ضروريٌّ، ومَن شكَّ فيه وجوَّزه كان مجنونًا، والمجنون لا يُبعَث إليه رسولٌ يدعوه إلى الحقِّ، بل الرجل كان دهريًّا منكرًا للصانع والحشر والجزاء، وكان يقول: ليس للعالم إلهٌ، حتى يكون له عليكم أمرٌ أو نهيٌ، أو يبعث إليكم رسولًا، ولا يحتاج الخلق إلَّا إلى مَن يلي أمرهم، ويحكم بينهم على أمرٍ ينتظم به معاشُهم ومعادُهم، ولا يجري بينهم البغي والاعتساف، وذلك الذي يلي أمركم أنا لا غيري».
(١) في تفسير البيضاوي على حاشية الشهاب الخفاجي ٨/ ٣١٦: على كلِّ.