للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد يخطر شيءٌ من هذا لخيار الناس، ففي الصحيحين عن عمر رضي الله عنه [٤٥١] قال: ... فدخلتُ على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هو مضطجعٌ على رمال حصيرٍ ليس بينه وبينه فراشٌ، قد أثَّر الرمال بجنبه متَّكئًا على وسادةٍ من أدمٍ حشوها ليفٌ، فرفعت بصري في بيته، فوالله ما رأيتُ في بيته شيئًا يردُّ البصر غير آهبةٍ (١) ثلاثةٍ، فقلت: يا رسول الله: ادع الله فليوسِّع على أمَّتك؛ فإن فارس والروم قد وُسِّع عليهم وأُعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، فجلس النبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ــ وكان متَّكئًا ــ، فقال: «أو في هذا أنت يا ابن الخطَّاب؟ إن أولئك قومٌ عُجِّلوا طيِّباتهم في الحياة الدنيا»، فقلت: يا رسول الله استغفر لي ... (٢).

وفي روايةٍ: فدخلت على رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وهو مضطجعٌ على حصيرٍ، فجلستُ، فأدنى عليه إزاره، وليس عليه غيره، وإذا الحصير قد أثَّر في جنبه، فنظرتُ ببصري في خزانة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فإذا أنا بقبضةٍ من شعيرٍ نحو الصاع، ومثلها قَرَظًا (٣) في ناحية


(١) كذا ضبطه المؤلِّف، وهو في ذلك موافق لرواية الأصيلي التي حكم عليها ابن حجر في هدي الساري (ص ٨٢) بأنها وهمٌ، وهو جمع قلة لإهاب، وجمع الكثرة أُهُب، والإهاب: الجلد. انظر: تاج العروس ٢/ ٤٠. وفي فتح الباري ــ طبعة بولاق الأولى ــ ٩/ ٢٥٢: (بفتح الهمزة والهاء وبضمِّهما أيضًا، بمعنى الأُهُب. والهاء فيه للمبالغة).
(٢) صحيح البخاريِّ، كتاب النكاح، باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها، ٧/ ٢٩ - ٣٠، ح ٥١٩١. وصحيح مسلمٍ، كتاب الطلاق، بابٌ في الإيلاء واعتزال النساء وتخييرهنَّ ... ، ٤/ ١٩٢ - ١٩٤، ح ١٤٧٩ (٣٤). [المؤلف]
(٣) بفتح القاف والراء، وهو صمغ السَّمُر. مشارق الأنوار ٢/ ١٧٨ - ١٧٩.