للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالسجود من الأمر بالسجود (١).

وأجيب: بأن المسلمين قد أجمعوا على أن الأخبار الواردة في السجود عند تلاوة القرآن هي بمعنى الأمر بالسجود مقيدًا بالتلاوة أي: عند التلاوة، وورد الأمر به مطلقا فوجب حمل المطلق على المقيد، وليس الأمر في ذلك بالسجود كالأمر بالصلاة، فإن الصلاة قيد وجوبها بقيود أخر.

وأيضًا: فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سجد فيها فبين لنا بذلك معنى الأمر بالسجود الوارد فيها، أي: أنه عند التلاوة فوجب أن يحمل مقتضى الأمر في الوجوب عليه (٢).

الوجه الثالث: على فرض التسليم بأنه أمر بالسجود عند التلاوة، فإنه يتعين حمله على الندب، جمعًا بينه وبين ما ورد عنه - صلى الله عليه وسلم - من ترك السجود أحيانا (٣).

٣ - قوله تعالى: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة: ١٥].

فهذا الكلام يقتضي أنه لا يؤمن بآياته إلا من إذا ذكر بها خر ساجدا وسبح بحمد ربه، وهو لا يستكبر (٤).

ونوقش: بأن المراد به التزام السجود واعتقاده، فإن فعله ليس بشرط في الإيمان إجماعًا، ولذا قرنه بالتسبيح، وهو قوله: {خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا} [السجدة: ١٥] وليس التسبيح بواجب (٥).

ولأن ظاهر الآية يقتضي أن جميع الآيات يجب أن يسجد لها إذا


(١) نقله ابن رشد عن الجويني، بداية المجتمع (١/ ١٦٢).
(٢) بداية المجتمهد (١/ ١٦٢).
(٣) الانتصار (٢/ ٣٩٠).
(٤) مجموع فتاوى ابن تيمية (٢٣/ ١٤١) الانتصار (٢/ ٣٩٠).
(٥) الانتصار (٢/ ٣٩١)، كشاف القناع (١/ ٤٤٥).

<<  <   >  >>