لابد من صدق النية ثم تجديدها، فكيف أجدد النية؟ لقد وضع لي ربي صلوات بين الحين والآخر، ففي الساعة الخامسة صباحاً آتي إلى المسجد، وكذا الساعة الثانية عشرة، ثم الساعة الثالثة أيضاً، ثم الساعة السادسة كذلك، ثم الساعة الثامنة، هذا كله لكي أجد لنفسي فرصة فأبحث ماذا عملت بين كل وقتين، فإذا اغتبت فلاناً فإني أستغفر الله أولاً بأول، وأعزم أن أتصل به الآن وأستسمحه، وأتأمل ماذا عملت أيضاً فأستغفر الله وأنزع.
وهكذا يكون حالي بين كل وقتين من أوقات الصلاة، فلابد أن يقف أحدنا كل ثلاث أو أربع ساعات مع نفسه، هذا أمر لابد منه.
ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم:(لو أن نهراً يجري بباب أحدكم يغتسل فيه خمس مرات في اليوم، هل يبقي ذلك من درنه شيئاً؟ قالوا: لا، قال: هكذا الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا كما يمحو الماء الدرن).
إذاً: فيجب أن نصدق في تجديد النية أولاً بأول، وقد كان لنا علماء يكتبون سيئاتهم في ورق، ويجلس أحدهم يستغفر الله منها في الليل، فليست كتابة للإحصاء فقط، حتى رأى أحدهم من يقول له في منامه:{فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ}[الفرقان:٧٠].
فـ (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم)، حتى الملائكة عندما يأتون لمحاسبة العبد الصالح يقولون:(قد كفانا مؤنته، وحاسب نفسه قبل أن نحاسبه).
فلابد من المحاولة للسير في درب الصادقين مع الله سبحانه وتعالى وتجديد النية؛ لأن النية تضعف كل فترة، فتحتاج للتجديد بصورة مستمرة، فأسأل نفسي: لماذا أفعل كذا أو كذا؟ فمثلاً: عند أن أخرج للعمل يومياً ماذا أريد؟ هل أفعل ذلك حتى أحصل على راتب قوي جميل أعيش به عيشة هنية، ثم أستمتع بالحياة؟ لا، وإنما أجدد نية العمل بأنني أعين على حركة دولاب الحياة، أي: حركة سير الحياة؛ لأنني كمسلم مكلف أن أعين الحياة على أن تسير.
وهنالك من المسلمين من هو أبسط من هذا، أي: يأخذ الحياة ببساطة شديدة، وهي بسيطة ولكن نحن عقدناها، فنحن وجدنا في الحياة لنعيشها لا لنفهمها، أي: ليس من الضروري أن أفهم، وإنما أفهم شيئاً واحداً فقط، وهو أني موجود في الحياة من أجل أن أزرع فيها خيراً، أو أعمل الخير، وأعمر الحياة بمرضاة الله عز وجل.
فإذا ألجأت الظروف أحد المسلمين أن يحيد عن هذا الطريق المستقيم فليعد وليجدد النية وليستغفر مرة أخرى، ويجدد ويبدأ صفحة جديدة.