للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاً: دخول الجنة لا يكون ثمناً للعمل

وإحسان الظن بالله يقتضي ثلاثة أمور: الأمر الأول: أنه لا يدخل أحد منا الجنة بعمله، فلا تفكر أن الصلاة التي تصليها أو الصدقة التي تتصدق بها ستوصلك إلى الجنة.

رأى ابن عباس سيدنا عمر في المنام بعد عام من استشهاده فقال له: يا أمير المؤمنين! اشتقت إليك وأردت أن أراك منذ زمن، قال له: اسكت يا ابن عباس! لقد كاد عرشي أن يهد لولا أني وجدته غفوراً رحيماً، قال له: وماذا صنع بك؟ قال: رحمني وأحلني دار المقامة من فضله، قال له: بعلمك؟ قال: لا، قال له: بعملك؟ قال: لا، قال: بخوفك؟ قال: لا، قال: بنصرتك لرسول الله؟ قال: لا، قال: ذات مرة كنت أسير في الطريق فرأيت صبية يلعبون بعصفور فخلصته من أيديهم، فقال لي ربي: يا ابن الخطاب! خلصت العصفور من أيديهم، وأنا أخلص جسدك من النار وأدخلك الجنة.

وصحابي آخر يقول وهو يحتضر: ليته كان جديداً، ليته كان بعيداً، ليته كان كاملاً، ثم مات، فتعجب الحاضرون وهم لا يعرفون معناه، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك فقال: أتته الملائكة فأطعمته حتى شبع، فلما سألهم عن سبب إطعامهم له قالوا: كان معك رغيف فأتاك سائل يسألك طعاماً فأعطيته نصفه، فعندها قال: ليته كان كاملاً، ثم شعر بعطش شديد فأرواه الله، فلما سأل عن ذلك قيل له: أخذت بيد شيخ كبير لا يستطيع المشي فقدته إلى المسجد، فعندها قال: ليته كان بعيداً، يقصد: المسجد، ثم شعر بضيق في صدره فسرت عنه الملائكة فسألهم عن ذلك، فقيل له: كنت تلبس ثوبين في الشتاء: جديداً وقديماً، فأتاك سائل فأعطيته القديم، فعندها قال: ليته كان جديداً.

إذاً: فعلى الإنسان ألا يحتقر شيئاً، وأن يعلم أنه لن يدخل الجنة بعمله: (قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته).

<<  <  ج: ص:  >  >>