إن الجاني على نفسه هو إنسان ضيع أيامه الخمسة، فالعبد له خمسة أيام: يوم مفقود، ويوم مشهود، ويوم مورود، ويوم موعود، ويوم ممدود.
فاليوم المفقود هو اليوم الذي ضاع منك ومضى، واليوم المشهود: هو اليوم الذي تعيش فيه حاضراً، فيومك من الساعة الخامسة والنصف إلى أن ينتهي هذا اليوم، والله أعلم من الذي سيبقى منا إلى المغرب، ومن الذي سيتوفاه رب العباد، والله أعلم ماذا سيحدث فيه من أخبار، نسأل الله أن يجعل يومنا أفضل من أمسنا، وأن يجعل غدنا خيراً من يومنا، وأن يحول حالنا إلى أحسن حال.
وقد روي في الأثر: من كان يومه خيراً من أمسه فهو سعيد، ومن كان يومه أسوأ من أمسه، أو غده أسوأ من يومه فهو مغبون.
أي: مظلوم ظلم نفسه، إذاً: فظلم النفس نوع من أنواع الجناية.
واليوم المورود: يوم غد.
واليوم الموعود: عند مجيء ملك الموت فيقفل الحساب، قال تعالى:{إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا}[مريم:٨٤].
فهناك ملك يعد الحسنات وملك يعد السيئات، قال الله تعالى:{أَحْصَاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ}[المجادلة:٦]، وقال تعالى:{لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}[الكهف:٤٩]، فالله سبحانه وتعالى سيحاسبنا، لكن من فضله أنه يخفف حسابه عنا، ويفتح مجالات للرحمة.
فالمغبون هو الذي جنى على نفسه وضيع أيامه الخمسة، هذه هي الجناية.