[عدم اهتمام أهل الأموال الخيرين بالإنفاق على العلم وأهله كغيره من أوجه الخير]
الظاهرة الرابعة، ظاهرة أيضاً ملموسة بشدة وهي: طرق إنفاق المسلمين في أوجه الخير، قد يتحمس المسلمون جداً للإنفاق على بناء مسجد، لكن القليل الذي ينفق على بناء مؤسسة علمية، أو ينفق على طلبة العلم المغتربين، أنا أريد واحداً منكم يزور مدينة البعوث، ويرى الطلاب المغتربين القادمين من أفريقيا ليتعلموا في الأزهر أو في غيره العلوم الإسلامية وغيرها، ينظر إلى حالهم سيجد (١٠) و (١٥) و (٢٠) شخصاً يسكنون في حجرة أو حجرتين وهم في حالة متردية من الفقر والضياع، والواحد منهم سيتعلم ويعود إلى بلد لعله الوحيد الذي يعرف فيها الدين، ومع ذلك الإنفاق على طلبة العلم ليس وارداً عند كثير من أهل الخير من المسلمين، نعم هم أهل خير ويدفعون في سبيل الله أموالاً كثيرة، لكن لم يدخل العلم في بؤرة اهتمامهم فهم ينفقون على الفقراء والمساكين وعلى أمور أخرى عظيمة؛ لكن لا يفكرون في إنشاء مؤسسة علمية أو رعاية مثل هؤلاء الطلاب، أو إنشاء موقع إسلامي يرد الشبهات عن المسلمين، أو بناء مدرسة تربي المسلمين تربية صحيحة، سليمة على كتاب الله وعلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، حتى في البلاد الغربية في أمريكا في المدينة الواحدة قد تجد (١٠) و (١٥) و (٢٠) مسجداً ولا تجد مدرسة واحدة، فيتعلم أطفال المسلمين في مدارس الأمريكان مع ما فيها من موبقات وأفكار منحرفة وبعد عن الدين كلية، ويضيع الأطفال والمسلمون مشغولون جداً ببناء مسجد عاشر أو عشرين أو ثلاثين ولا يجتمعون لبناء مدرسة، العلم ليس في بؤرة الاهتمام.
حديثنا اليوم في هذه المحاضرة لو خرجنا فقط بوضع العلم في بؤرة اهتمامنا حتى دون معرفة الوسائل لتحقيقه فهذا أمر جيد، ونقلة هائلة أن نصبح من المهتمين جداً بقضايا العلم والتعليم في الأمة الإسلامية، والوسائل بعد ذلك بإذن الله كثيرة، والموفق من وفقه الله عز وجل:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا}[العنكبوت:٦٩] إذاً: ينبغي لنا أن نعرف أن هذه قضية مهمة تحتاج إلى بذل وقت وجهد وفكر وعرق ومال وحياة، تبذل حياتك لأجل هذه القضية العظيمة الهامة.