للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفلك في الحضارة الإسلامية]

لقد طور المسلمون الأسطرلاب، واستطاعوا بهذا التطوير أن يكتشفوا أماكن كثيرة جداً من النجوم والكواكب في السماء، ورسموا خرائط في منتهى الدقة لعدد هائل من نجوم السماء، وكانت هناك خرائط كاملة موجودة عند المسلمين لأفلاك السماء وحركة الكواكب، بل استطاعوا أن يحددوا المواعيد المستقبلية بمنتهى الدقة لخسوف القمر ولكسوف الشمس، واستطاعوا تحديد طول السنة الشمسية بشكل مبهر، ويكفي أن تعرف أن البتاني رحمه الله من أعظم علماء الفلك في التاريخ، وقلّما يخلو كتاب يتحدث عن الفلك في أوروبا أو في أمريكا أو في غيرها من اسم البتاني رحمه الله، توفي البتاني هذا سنة (٩٢٩) م، يعني: منذ أكثر من ألف سنة، وقد حدد: أن طول السنة الشمسية أنها (٣٦٥) يوماً و (٥) ساعات و (٤٦) دقيقة، و (٣٢) ثانية، والتحديد الذي كان في القرن الحادي والعشرين الذي نعيشه حالياً هو: أن طول السنة الشمسية (٣٦٥) يوماً و (٥) ساعات و (٤٨) دقيقة، و (٤٦) ثانية، يعني: الفرق دقيقتان و (١٤) ثانية بعد أكثر من ألف سنة، مع وجود الفارق بين القياسات الحديثة وقياسات البتاني منذ أكثر من ألف سنة، فكيف قاسها وكيف حسبها؟ وكتبه موجودة ودراساته موجودة، لكن من ينقب عنها، ويخرج هذه الثمرات العظيمة لأبناء المسلمين، بل وللعالم أجمع؟ ولقد كان المسلمون في علم البصريات سابقين، فـ ابن الهيثم هو أول من اكتشف أن العين تبصر بالضوء المنبعث من الجسم لا المنبعث من العين، فقد ظلت البشرية قروناً تظن أن العين تبصر بالنور الذي يخرج منها، فهو أول من أثبت عكس ذلك، وأن العين تبصر بالنور المنبعث من الجسم لا من العين، ثم بدأ يطبّق تطبيقات على هذا الأمر، واخترع رحمه الله الغرفة المظلمة التي كانت نواة بعد ذلك لاختراع الكاميرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>