للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[استمرار التجدد في العلوم الحياتية على مر العصور]

الدليل الثاني: قال سبحانه وتعالى في كتابه الكريم في شأن العلوم الشرعية: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:٣] العلوم الشرعية بفضل الله تمت، فقبل وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام تمت العلوم الشرعية، فكل شيء نحتاجه من العلوم الشرعية ذُكر في كتاب الله وفي سنة الحبيب صلى الله عليه وسلم {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٣٨] وهذه الآية واضحة الدلالة جداً في تمام العلوم الشرعية، ومع أن هناك اجتهاداً جديداً لتغير الزمان والمكان والبيئة، لكن الأصول ثابتة، لا يُنكر ذلك أحد، الأصول ثابتة بفضل الله عز وجل، وهذا نعمة كبيرة على المسلمين، لكن هل تمت العلوم الحياتية؟ وانظروا إلى ما قاله رب العالمين سبحانه وتعالى في شأن العلوم الحياتية، قال بصيغة المستقبل: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} [فصلت:٥٣] سنريهم في الآفاق وفي الأنفس علوم الكون بصفة عامة وعلوم الإنسان بصفة خاصة، كل هذا سيرينا الله عز وجل إياه مع تقدم الزمن، وتظل هذه الآية تُقرأ إلى يوم القيامة بصيغة المستقبل، فالعلم الحياتي متجدد، ما كنا نعتقد أنه يقين في قضية من قضايا العلم منذ ألف سنة، وفي هذا الوقت قلنا: لا، فهذا الكلام لم يكن صحيحاً، فالصحيح هو كذا وكذا! فالذي كنا نعتقده منذ سنتين أو ثلاث سنوات نعتقد حالياً غيره، فالعلم الذي كان حجمه عشرة قراريط أصبح حجمه ألف قيراط، وسوف يصبح مليون قيراط، وسيصبح أكثر وأكثر.

إذاً: العلوم الحياتية دائمة التطور، فإن بقيت أمة الإسلام سنة أو سنتين أو ثلاثاً راكدة والعلم فيها راكداً لا يتحرك، اتسعت الفجوة بشكل هائل بينها وبين الأمم، فلا بد من حركة سريعة، وكما ذكرت بالأمس لا داعي للتسويف، فتبدأ من اليوم، والأخ الذي أخبرتكم عنه الذي ذهب ليتعلم الإنجليزية، في نفس الليلة ذهب للتعلم، وهذه أمثلة طيبة جداً.

وهناك مثل طيب ذُكر لي قبل المحاضرة بقليل، والحمد لله أنه يبعث شيئاً من الأمل في نفوس المسلمين، فأحد الإخوة اطّلع على تقرير جامعة جياوتونج في شنغهاي التي عملت التقرير الذي ذكرناه في الدرس السابق على ترتيب الجامعات في العالم (٥٠٠) جامعة، فوجد أنه بفضل الله في تقرير سنة (٢٠٠٦م) دخلت مصر في التصنيف جامعة القاهرة بترتيب (٤٠٣) على العالم، وهذا شيء مبهر وجيد جداً، أي عندما نذكر هذا أيضاً نذكر هذا، فالحمد لله أن هناك حركة، وعندما نتحدث عن براءات الاختراع في العالم، فمصر تطورت أيضاً، صحيح أنه تطور بطيء غير متوافق أبداً مع إمكانيات هذا البلد العظيم، ومع ذلك فالحمد لله أنا بدأنا نتطور، لكن دورنا نحن الملتزمين الذين يحبون دينهم وأمتهم ويريدون أن يضحوا من أجلها أن يدفعوا هذه العجلة أسرع وأسرع.

إذاً: العلوم الحياتية لم تتم وتحتاج إلى جهود كبيرة من علماء المسلمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>