[دور المرأة في مجال الدعوة إلى الله عز وجل وتوريث التخصص للآخرين]
المحور الثالث: الدعوة إلى الله عز وجل، لا تكون الدعوة إلى الله عز وجل إلا عن علم، فلابد للمرأة أن تتعلم شيئاً وتنقله، فلا تنقل شيئاً عن جهل فتضر من تنقل إليه، سواء كان هذا العلم علماً شرعياً أو علماً حياتياً، يعني: إذا كنت متقنة لشيء في العلوم الشرعية: متقنة للتجويد، متقنة لبعض الأمور الفقهية، متقنة للرقائق والأخلاق أو غير ذلك، فانقلي هذه العلوم إلى غيرك: (بلّغوا عني ولو آية).
كذلك توريث العلم التخصصي، فإذا كنت متخصصة في النساء والتوليد أو في غيرها فاهتمي ببنات جنسك من النساء المسلمات اللاتي في نفس التخصص، وذلك بالرفع من مستواهن ومن قدراتهن.
هناك شيء مهم جداً أيضاً وهو داخل في هذه النقطة ألا وهو تعليم القراءة والكتابة، فالأمية كما ذكرنا في الدرس السابق متفشية بدرجة غير مقبولة في بلاد المسلمين، وهي في النساء أعلى منها في الرجال، فنسبة الأمية في النساء تقريباً ضعف نسبة الأمية في الرجال، ليس في مصر وحدها ولكن في بلاد العالم أجمع، ومنها بلاد العالم الإسلامي.
وأنا أنتهز المناسبة من أجل أن أحمس أخواتنا وإخواننا أيضًا على قضية الأمية هذه؛ لأن عندي سؤالاً يقول: هل مطلوب مني أن أحضر رسالة ماجستير ودكتوراه وعندي عدد هائل من الأمة لا يقرأ ولا يكتب أصلاً؟ فأقول: كل ميسر لما خلق له، عندنا أناس ستبدع في مجال الكيمياء والفيزياء والفلك والطب والهندسة والعلوم الأخرى، وعندنا أناس تستطيع أن تفرغ طاقتها الدعوية، وتخدم أمتها عن طريق تعليم أولئك الذين لا يقرءون ولا يكتبون، يعني: ليس كلنا يستطيع أن يصل إلى درجة العلماء المتخصصين في الفرع الذي أنت فيه، لكن ممكن تشغل نفسك بتعليم المسلمين القراءة والكتابة، وهذا عمل جليل، وهو عمل ليس صعباً، فأحد إخواني كنت أتحدث معه عن الأمية قبل أن آتي إلى المحاضرة، فقال لي: أنا قعدت مع اثنين من حراس العمارات في إحدى المناطق مدة شهر واحد فقط، وكنت أجلس معهم كل يوم ساعة أو ساعة ونصف أو ساعتين أعلمهم فيها اللغة العربية، وكانا أميين لا يعرفان القراءة ولا الكتابة، وخلال شهر أتقن الاثنان القراءة والكتابة، هل هذا متيسر للجميع؟ أنا أعتقد أنه متيسر وأكثر من ذلك، لكن ابدأ وربنا سبحانه وتعالى ييسر: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ} [العنكبوت:٦٩]، نعود إلى نسبة الأمية في مصر، الحمد لله نزلت نسبة الأمية من (٤٥%) عام (٢٠٠٣م) إلى (٢٩%) في هذه السنة، يعني: أن (٢٩%) من شعب مصر أمي لا يكتب ولا يقرأ، وهذه نسبة خطيرة، يعني: من كل عشرة ثلاثة لا يستطيعون القراءة أصلاً لا يفتحون المصحف أساساً ولا كتاباً ولا صحيفة ولا غير ذلك، ونحن قاعدون بينهم وهم قاعدون بيننا، فهم ليسوا منعزلين في بلد ثان، لا، بل هم موزعون علينا كلنا، كل واحد منا يرى حوله منهم، فهؤلاء مسئولية من؟ مسئولية الحكومة فقط أم مسئوليتنا جميعاً؟ من أجل أن تعرف إلى أي حد صار هذا الرقم مخيفاً فاعرف نسبة الأمية في إسرائيل أيضاً، ونحن نقارن بإسرائيل؛ لأنها دولة -كما ذكرنا- لقيطة خرجت من لا شيء منذ حوالي ستين سنة أو أقل من ستين سنة، لكن أخذوا بالعلم حقيقة علم الحياة، فنسبة الأمية في إسرائيل (٢.
٩%)، بينما في مصر (٢٩%) يعني: العلامة العشرية فقط انتقلت قليلاً، هي جاءت كذا قدراً (٢.
٩%) فقط.
هذه النسبة في سن من كان فوق خمس عشرة سنة إلى أربع وعشرين سنة، لو أخذنا الشباب فسنجد أن (١٥%) من شباب مصر لا يكتب ولا يقرأ، ستقول: مجانية التعليم، وستقول: التعليم الإلزامي: وستقول وستقول انظر (١٥%) من شبابنا لا يقرءون ولا يكتبون، في إسرائيل هذه النسبة (٠.
٢%)، هؤلاء الشباب سيكبرون وهم غير متعلمين إذا لم يعلم مستقبلاً، وستحدث مشكلة؛ لأن هذا الشاب الذي لا يقرأ ولا يكتب لن يكون حريصاً تمام الحرص في الأغلب على أن يكون أولاده من العلماء، فأكبر شيء قد يعمله أنه يعلمهم أن يقرءوا ويكتبوا، أو يدخلهم المدرسة ليأخذوا شهادة أياً كانت هذه الشهادة، لكن لن يكون عنده طموح العلماء؛ لأنه لا يقرأ ولا يكتب، ولا يستطيع أن يساعد أولاده، فهذه فتنة كبيرة، والمسئولية مسئوليتنا.
إذاً: أنا أعلمه الآن من سن خمس عشرة سنة إلى أربع وعشرين سنة قبل أن يؤسس أسرة، أعلمه بحيث إذا أسس أسرة يربي أولاده تربية صحيحة.
أنا أريد أن أخبركم عن رقم غريب جداً: نحن دائماً نضرب الأمثلة بإسرائيل وبأمريكا وبإنجلترا وبفرنسا فيأتي لنا نوع من الإحباط؛ لأن هذه بلاد متقدمة كما يقولون، نحن كما قلنا عندنا (١٥%) في الشباب أمية، فنسبة الأمية في كوبا في الشباب من سن خمس عشرة سنة إلى أربع وعشرين سنة، وكوبا هي بلد موجودة، لكن لا نسمع عن أي تأثير لها في حركة التاريخ أو الواقع فنسبة الأمية فيها (صفر) يعني: ليس فيها ولا شاب من سن خمس عشرة سنة إلى أربع وعشرين سنة لا يقرأ ولا يكتب، كل الشباب يقرأ ويكتب.
وهذه الصحوة جديدة فجائز أن تكون نسبة الأمية في كوب