[ضآلة إنفاق الدول العربية على الأبحاث العلمية]
الظاهرة السابعة: الإنفاق على الأبحاث العلمية، بعض الأرقام المفزعة في تقرير لمنظمة اليونسكو لعام (٢٠٠٤م) يقول: إن العالم العربي مجتمعاً ينفق (٠.
٢%) من الدخل القومي على الأبحاث العلمية، المعدل العالمي للدول القوية (٣%) من الإنتاج القومي، العالم العربي يصرف (٢.
%) يعني: اثنين في الألف، المعدل المفروض (٣%)، كل الدول العربية تصرف اثنين في الألف على الأبحاث العلمية وهذا يوازي حوالي (١.
٧) مليار دولار، وإسرائيل وحدها تنفق (٤.
٧%) من ناتج إسرائيل القومي على الأبحاث العلمية، هذا تقرير اليونسكو لعام (٢٠٠٤م) فأعلى نسبة في العالم في الإنفاق على العلم في إسرائيل، أمريكا تصرف (٢.
٧%) وإسرائيل تصرف (٤.
٧%)؛ لأن الدخل القومي عندها كبير عن بلاد العالم الإسلامي، أما نحن فالأموال عندنا مكدسة، لكن ليست داخلة في حساب الناتج القومي، و (٤.
٧%) تساوي (٦.
١) مليار دولار، يعني: العالم العربي كله يصرف (١.
٧) مليار دولار وإسرائيل لوحدها تنفق (٦) مليار دولار على العلم سنوياً، أظن هذا شيئاً يحتاج إلى وقفة.
أمريكا تصرف (٢.
٧%) أو (٢.
٩%) من ناتجها القومي على العلم، لكن الناتج القومي لأمريكا رهيب، فالمبلغ هذا يساوي (٢٩٥) مليار دولار سنوياً، فأمريكا تنفق (٢٩٥) مليار دولار على العلم سنوياً، يمثل هذا المبلغ (٣٥%) من الإنفاق على العلم في العالم كله.
إذاً: لابد أن يكون هناك مردود، فأمريكا لما تصرف هذه الكمية على العلم تصبح الدولة الأولى، والنتيجة أن تجوب أمريكا بأساطيلها مشارق الأرض ومغاربها، وأن تحتل أفغانستان والعراق وتساعد إسرائيل في احتلال فلسطين ولا يتكلم أحد، هذا مردود العلم.
الذي نراه في الواقع ليس مستغرباً عند النظر إلى الأرقام، ومرة أخرى أنا لا أقول هذا الكلام دعوة للإحباط، نحن نريد أن نقوم على أرجلنا، فلابد أن نعرف حقيقة المشكلة، لكن يبدو أننا ننظر في حل المشكلة من مجال آخر، وتركنا المجال الذي أمرنا برعايته وأوتينا من قبيله، وكما ذكرنا في محاضرة سابقة أن أول كلمة نزلت في القرآن الكريم الأمر بالقراءة والعلم، فنحن مأمورون بالعلم من أول أيام الرسالة.
يحزنني أن أقول: إسرائيل، لكن للأسف هو واقع مفروض علينا لابد أن نغيره، فإحصائيات اليونسكو وبلاد العالم بصفة عامة بما فيها بلاد المسلمين تعترف بوجود إسرائيل، فإسرائيل عندهم (٢١٧) جهاز كمبيوتر لكل (١٠٠٠) مواطن، وهؤلاء فيهم أطفال وفيهم نساء وفيهم رجال، يعني: لا يخلو بيت ولا مصلحة من جهاز كمبيوتر، أما مصر ففيها (٩) أجهزة لكل (١٠٠٠) مواطن، والأردن فيها (٥٢)، ولبنان (٣٩)، والباحثون العلميون في العالم العربي كله (١٣٦) باحثاً لكل مليون مواطن عربي، وإسرائيل لكل مليون يهودي يعيش في إسرائيل فيهم (١٣٩٥) باحثاً، نحن نتكلم على الدول العربية مجتمعة ليس على مصر، الدول العربية مجتمعة لديها (١٣٦) باحثاً لكل مليون مواطن، وإسرائيل التي هي عبارة عن (٥) مليون فقط لديها (١٣٩٥) باحثاً لكل مليون مواطن، وأمريكا لديها (٤٣٧٤) باحثاً لكل مليون مواطن، واليابان (٥٠٠٠) باحث، هناك فجوة، فـ (٥٠٠٠) في اليابان، و (١٣٩٥) في إسرائيل أو (٤٣٧٤) في أمريكا يعملون في العلم لابد أن ينتجوا شيئاً، و (١٣٦) فقط لكل الدول العربية مجتمعة بكل إمكانياتها المالية والبشرية ولا حول ولا قوة إلا بالله، لو أخذنا الميزانية المخصصة للعلم في البلاد على عدد السكان، نجد أنه يصرف على المواطن الإسرائيلي في العلم (٩٢٢) دولاراً سنوياً، والمواطن الأمريكي (١٠٠٥) دولارات سنوياً، والمواطن المصري (٦) دولارات سنوياً لأجل العلم، قد يقول شخص: نحن فقراء، نقول: لكن العلم هو أحد بؤر الاهتمام، ومع ذلك تصرف في وجوه أخرى فممكن يدفع لمدرب كرة قدم (٣٠) ألف دولار و (٢٥) ألف دولار، ولا ندفعها لعالم ولا لمؤسسة علمية، وهذا خلل في الفهم والفقه في العالم العربي كله، ينشر في السنة الواحدة في العلوم البيولوجية على سبيل المثال: علوم الأحياء (٤٤٧) بحثاً، وإسرائيل لوحدها تنشر (٥٩٣) بحثاً سنوياً، وأمريكا تنشر (١٤٠٥٠) بحثاً سنوياً، وهذا فرع من فروع العلم، كذلك في الطب والهندسة وعلوم الفلك والفضاء والنووية وغير ذلك من الأمور.
هذه معلومات موثقة وإحصائيات رسمية لم نأت بها من جرائد المعارضة، لا، هذه إحصائيات رسمية حكومية سواء في مصر أو في العالم العربي أو في العالم الإسلامي أو في العالم ككل، إحصائيات اليونسكو والأمم المتحدة، وقلت لكم: ليست المشكلة مشكلة نقود، فهنا مؤسسة علمية كبرى في مصر -بدون ذكر أسماء- أنا رأيتها بنفسي تصرف (١٥) مليون جنيه لتجميل الصورة الخاصة بالمؤسسة، ومستحيل أن تدفع (١٠٠٠) أو (٢٠٠٠) جنيه لبحث علمي، وقد تقوم بإنشاء مكتب بمليون جنيه ويكون تأثيث المكتب من الرخام بأنواعه المختلفة المستوردة من إيطاليا وأسبانيا وتركيا وغيرها من بلاد العالم، وممكن ينفق عليه أكثر مما ينفق على أبحاث علمية لسنة كاملة.