للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[نتائج عدم الاهتمام بالعلوم الحياتية]

الدليل الرابع: ما البديل إذا فشلنا في العلوم الحياتية؟ لو لم يهتم المسلم بالقضية وبقي معتكفاً ليل نهار قائماً وصائماً، وترك الكلية ولم يشتغل، ما هي النتيجة الأخيرة؟ النتيجة الأخيرة أن نعتمد اعتماداً كلياً على غيرنا في كل شيء، وغيرنا من الممكن أن يكون عدونا الذي يحتلنا، ومن البلوى أن يعتمد المسلمون على عدوهم في حياتهم، وهذه معضلة، فهل من الممكن أن يقول أحدنا: إن هذا وضع شرعي، وإن المسلمين لهم أن يتخلفوا في صناعاتهم وفي علومهم ويعتمدوا اعتماداً شبه أساسي على أعدائهم، أو على غيرهم بصفة عامة؟! على سبيل المثال والأمثلة كثيرة جداً: السلاح، فأمريكا هي الدولة الأولى في تصنيع السلاح، وهي الدولة الأولى المصدرة للسلاح في العالم، (٣٩ %) من السلاح الأمريكي يتجه إلى البلاد العربية والإسلامية، يعني: (٣٩ %) من حصيلة الخزائن الأمريكية من مليارات الدولارات التي تدخل من السلاح أتت من البلاد الإسلامية.

هل هذا يُعقل؟ أمريكا محتلة لأفغانستان ومحتلة للعراق وتساعد إسرائيل في احتلال فلسطين الحبيبة، نسأل الله أن يحرر كل هذه البلاد وغيرها من بلاد المسلمين كاملة، هل يُعقل أن أستورد السلاح من البلد المحتل لي؟ هذا لا يقبله عقل ولا شرع، هل من المعقول أن يقول الشرع ذلك؟ هل من المعقول إذا كان بيننا عالم شرعي أو إنسان مسلم متحمس لدينه أن يقبل بهذا الوضع؟ و (٧٠ %) من صادرات بريطانيا من السلاح للعالم العربي.

و (٤٠ %) من صادرات فرنسا من السلاح للعالم العربي.

و (١٥ %) من صادرات روسيا للعالم العربي.

و (١٨ %) من صادرات الصين للعالم العربي من السلاح.

أي: أننا اعتمدنا شبه اعتماد كلي على البلاد الغربية والشرقية في التسليح، وافرض جرى بيننا وبينهم في يوم من الأيام حرب، ألا يشعر المسلمون بغضاضة لهذا الأمر؟ ألا يشعر المهندسون والكيميائيون وعلماء الذرة في بلاد المسلمين بغضاضة في أنهم يخرجون من الكلية ليس له إلا الشهادة؟ وليس لأحد منهم طموح بأنه في يوم من الأيام يصبح مصنّع سلاح؟ نعم، السلاح قرار إستراتيجي أو سياسي، لكن افرض أخذت الحكومة القرار السياسي بتصنيع السلاح، لكن العلماء غير موجودين فهل تستطيع تصنيع السلاح؟ لا، إذاً: لابد أن أكون مستعداً، على الأقل أُعذر إلى الله عز وجل، أقول: يا رب أنا فعلت وتعلمت وهم أصروا على استيراد السلاح وعلى قتل المواهب الموجودة في البلد، لكني بذلت ما بوسعي، وهذا الفشل في مجال العلوم الحياتية غير مقبول من المسلمين.

وإسرائيل في السلاح هي الدولة الرابعة في العالم في التصدير، فهي الدولة الرابعة بعد أمريكا وروسيا وبريطانيا تأتي إسرائيل وتسبق فرنسا والصين وصربيا والتشيك وأوكرانيا ودولاً أخرى لها تاريخ في السلاح، فهي الرابعة على مستوى العالم، والدولة الأولى في تلقي صادرات السلاح من إسرائيل الهند، وهي العدو اللدود لباكستان المسلمة، وهذا الكلام ليس عشوائياً.

فأعلى دولة في العالم نسبة لإنتاج السلاح بالنسبة للصادرات إجمالاً هي إسرائيل، يعني: لو أن إسرائيل تصدر مائة وحدة فـ (٤٠ %) من هذه الوحدات من السلاح، فإسرائيل أعلى نسبة في العالم من الصادرات عندها نسبة السلاح إلى بقية الصادرات، وهذا يعني: أن الدولة مجيشة لتصنيع السلاح، وإسرائيل على بعد خطوات منا، والفاصل بيننا وبين إسرائيل خط شائك بسيط جداً في رفح، وإن شعر المسلمون بالأمان في هذا الوضع فهذا -والله- هو الغرور بعينه، من الغرور والغفلة أن ينام المسلمون مطمئنين في هذا الوضع وبهذه الصورة، وهذه كارثة.

إذاً: لا بد أن يتحرك المسلمون، وليس شرطاً أن يتحرك أولاً السياسيون، بل من الممكن أن يتحرك الشعب، ومن الممكن أن يبدع الشعب في العلوم وينتج، فالله سبحانه وتعالى إذا اطّلع على هذه الأمة فوجد فيها الإخلاص فسيرزقها من يأخذ بيدها إلى القرار الصائب، إن وجد الله عز وجل في الأمة صلاحاً فسيرسل إليها صلاحاً إن شاء الله، أي: أن صلاح الدين لا يظهر هكذا، وإنما يظهر في أناس هيئت وجُهّزت، وراجعوا قصة صلاح الدين رحمه الله، فالإعداد كان قبل صلاح الدين بستين أو سبعين سنة ليظهر بعد ذلك صلاح الدين، هناك جهد كبير قام به علماء الأمة ومن قادتها وساستها ومن شعبها، وممن نعرف وممن لا نعرف، وفي الأخير أين ولد صلاح الدين رحمه الله؟! وهنا عندي إحصائيات خاصة بالاستيراد في العالم العربي والإسلامي، وفي الحقيقة إنها إحصائيات مفجعة، فقد يصل الأمر أحياناً إلى استيراد أشياء مستفزة، فمثلاً: مصر تستورد (٣٢) نوعاً من الجبن من الخارج، مع أن مصر فيها الكثير من الحيوانات والحمد لله، واستوردنا في السنة الماضية بخمسة ملايين دولار (آيسكريم)، وفي ستة أشهر صرفنا اثنين مليون جنيه لاستيراد أغذيه للقطط والكلاب.

وهناك شيء اسمه: براءات الاختراع، وهناك شيء اسمه: المنظمة العالمية لبراءات الاختراع، فأي إنسان في العالم يخترع شيئاً يذهب ليسجل فيها؛ ليبقى حقه فيه

<<  <  ج: ص:  >  >>