١٥٤ - وَعَن عَلّي بن أبي طَالب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ قَالَ، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يَوْم الْأَحْزَاب:" شغلونا عَن الصَّلَاة الْوُسْطَى صَلَاة الْعَصْر مَلأ الله بُيُوتهم وقبورهم نَارا، ثمَّ صلاهَا بَين العشاءين، بَين الْمغرب وَالْعشَاء " رَوَاهُ مُسلم.
ثم ذكر هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال يوم الأحزاب: شغلونا أي الكفار كفار قريش الذين جاؤوا للمدينة لغزو الرسول -صلى الله عليه وسلم- فيها قال:«شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر» والصلاة الوسطى هذا الحديث بين أنها العصر والصلاة الوسطى قيل فيها أقوال متعددة لكن أصحها وأقواها هو أنها العصر لأنه جاء التنصيص عليها في حديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فإذًا لا مجال لأي قول آخر لم يأتي عليه دليل يدل على ذلك وعلى هذا فإن الصلاة الوسطى هي صلاة العصر التي خصها الله عز وجل بالذكر بعد أن كانت داخلة تحت عموم الصلوات وذلك لأهميتها ولعظيم شأنها فخصها بالذكر دون غيرها وقال إنها الصلاة الوسطى وقال إنهم شغلونا عنها وذلك أنهم ما تمكنوا من أن يأتوا بها لشدة القتال بينهم ولم يفعلها حتى غابت الشمس بعد غروب الشمس صلى العصر قضاء ثم صلى المغرب أداء، صلى العصر قضاء يعني بعد خروج وقتها لأن وقت العصر الاضطراري ينتهي بغروب الشمس وإنما لم يتمكن -صلى الله عليه وسلم- من أدائها في وقتها فإنه أداها بعد خروج وقتها ولكنه قدمها أولا لأنها هي المقضية ولأن العصر متقدمة على المغرب فأتى بها قضاء ثم أتى بصلاة المغرب في وقتها أداء وعلى هذا فإن هذا الحديث واضح الدلالة على تعيين الصلاة الوسطى وأنها صلاة العصر وأنها ليست غيرها كما قاله جماعة من أهل العلم منهم من قال إنها الصبح ومنهم من قال إنها غيرها ومنهم من قال إنها مجموع الصلوات الخمس وقد ذكر ابن كثير في تفسيره أن الحافظ أبو عمر ابن عبد البر رحمه الله قال بأنها مجموع الصلوات الخمس واستعظم هذا ابن كثير من ابن عبد البر مع سعة علمه واطلاعه فقال: وإنها لإحدى الكبر أن الحافظ ابن عبد البر قال إنها مجموع الصلوات الخمس وهو قول ليس عليه دليل من كتاب ولا سنة ولا أثر يعني فاستعظم هذا منه وقال: إنها لإحدى الكبر يعني مستعظما هذا الأمر وهذا القول أنه قاله مثل ابن عبد البر المعروف بعلمه وفقهه وكونه جمع بين الرواية والدراية.