١٧٨ - وَعَن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قَالَ:" لما أَمر رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ بالناقوس يعْمل ليضْرب بِهِ للنَّاس لجمع الصَّلَاة طَاف بِي وَأَنا نَائِم رجل يحمل ناقوساً فِي يَده، فَقلت: يَا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قَالَ: وَمَا تصنع بِهِ؟ فَقلت: نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاة، قَالَ: أَفلا أدلك عَلَى مَا هُوَ خير من ذَلِك؟ فَقلت: بلَى! قَالَ: فَقَالَ تَقول: الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ عَلَى الصَّلَاة حَيّ عَلَى الصَّلَاة، حَيّ عَلَى الْفَلاح حَيّ عَلَى الْفَلاح، الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله. ثمَّ اسْتَأْخَرَ عني غير بعيد ثمَّ قَالَ: تَقول إِذا قُمْت إِلَى الصَّلَاة: ألله أكبر ألله أكبر، أشهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله أشهد أَن مُحَمَّدًا رَسُول الله، حَيّ عَلَى الصَّلَاة حَيّ عَلَى الْفَلاح، قد قَامَت الصَّلَاة قد قَامَت الصَّلَاة، الله أكبر الله أكبر لَا إِلَه إِلَّا الله. فَلَمَّا أَصبَحت أتيت رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ فَأَخْبَرته بِمَا رَأَيْت، فَقَالَ: إِنَّهَا لرؤيا حق إِن شَاءَ الله فَقُمْ مَعَ بِلَال فألق عَلَيْهِ مَا رَأَيْت فليؤذن بِهِ فَإِنَّهُ أندى صَوتا مِنْك، فَقُمْت مَعَ بِلَال فَجعلت أُلقيه عَلَيْهِ ويؤذّن بِهِ، قَالَ: فَسمع ذَلِك عمر بن الْخطاب رَضِيَ اللَّهُ عَنْه وَهُوَ فِي بَيته فَخرج يجر رِدَاءَهُ وَيَقُول: وَالَّذِي بَعثك بِالْحَقِّ يَا رَسُول الله لقد رَأَيْت مثل الَّذِي رَأَى، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: فَللَّه الْحَمد " رَوَاهُ أَحْمد، وَأَبُو دَاوُد وَهَذَا لَفظه، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَابْن حبَان، (وَرَوَى التِّرْمِذِيّ بعضه وَصَححهُ) وَزَاد أَحْمد: " فَكَانَ بِلَال مولَى أبي بكر يُؤذن بذلك وَيَدْعُو رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ إِلَى الصَّلَاة. قَالَ: فَجَاءَهُ فَدَعَاهُ ذَات يَوْم إِلَى الْفجْر فَقيل لَهُ إِن رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ نَائِم، فَصَرَخَ بِلَال بِأَعْلَى صَوته: الصَّلَاة خير من النّوم. قَالَ سعيد بن الْمسيب: فأدخلت هَذِه الْكَلِمَة فِي التأذين لصَلَاة الْفجْر ". قَالَ البُخَارِيّ:(لَا يعرف لعبد الله بن زيد إِلَّا حَدِيث الْأَذَان).
ثم ذكر هذا الحديث عن عبدالله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما فرضت الصلاة وجاء الحاجة إلى الأذان فالناس بحثوا أو تشاوروا في أي شيء يفعلونه للنداء إلى الصلاة فحصل أنهم رأوا أن يستعملوا الناقوس والناقوس هو الذي يستعمله النصارى فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لما أرادوا أن يستعملوا الناقوس كان عبدالله بن زيد رضي الله عنه نام ورأى في المنام أن طائفا طاف به وهو نائم ومعه ناقوس فقال أتبيعني هذا الناقوس يا عبدالله قال وما تصنع به قال لنعلم به للصلاة فقال هل أدلك على ما هو خير منه ثم ذكر ألفاظ الأذان الخمس عشرة جملة التي هي أربع تكبيرات في الأول ثم أربع شهادات شهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله مرتين مرتين ثم أربع حيعلات حي على الصلاة حي على الفلاح ثم تكبيرتين ثم لا إله إلا الله فكان المجموع خمس عشرة جملة، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- لما عرضه عليه وأخبره قال: إنها لرؤيا حق ألقها على بلال فإنه أندى منك، قوله:«فقلت: يا عبدالله» هذا فيه أن الذي لا يعرف عندما يخاطب يقال له يا عبدالله لأن كل الناس عباد الله (إن كل من في السماوات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا) فيصدق عليه سواء كان مسلما أو كافرا فكل شخص يصلح أن يقال له لكن الآن حصل في هذا الزمان أن الشخص الذي لا يعرف وقد يكون كافرا يقال له يا محمد وهذا ليس بجيد وإنما المناسب أن يقال يا عبدالله كما جاء في هذا الحديث وكذلك جاء في حديث الفتن في آخر الزمان وأن الحجر يقول: يا عبدالله هذا يهودي ورائي فاقتله، فقال يا عبدالله فإذًا التعبير به هو المناسب لمن لا يعرف ولا يناسب أن يقال محمد لأنه قد يكون المخاطب كافرا ولكن إذا قيل عبدالله هذه تصلح للكافر والمسلم فتصلح لكل أحد، وذكر ألفاظ الأذان وهي خمس عشرة جملة، وذكر الإقامة وأن الأشياء التي كانت مكررة اختصرت إلى أن تكون آحاد وأن تكون فردا وصار المجموع إحدى عشرة جملة تكبيرتان في الأول الله أكبر الله أكبر وشهادة أن لا إله إلا الله وشهادة أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فيكون المجموع إحدى عشرة جملة فيكون ألفاظ الأذان خمس عشرة جملة وألفاظ الإقامة إحدى عشرة جملة، وقوله:«إنها لرؤيا حق إن شاء الله» المقصود بإن شاء الله التبرك ليس للشك أو عدم اليقين أنه إن شاء الله ذلك أو لم يشأه وإنما المقصود التبرك مثل قوله: وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يعني أن هذا تبرك وأن هذا شيء قد حصل ولابد من حصوله، «فإنه أندى صوتا منك» وهذا فيه بيان اختيار المؤذن يكون حسن الصوت يكون جهوري الصوت حتى يبلغ الناس وحتى يحصل إبلاغ الناس على الوجه الذي ينبغي، ثم ذكر أن عمر رضي الله عنه حصل له مثل الذي حصل لعبدالله بن زيد رضي الله عنه وأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه رأى مثل الذي رأى فقال -صلى الله عليه وسلم-: «فلله الحمد» وهذا يدل على أن حمد الله عند تجدد النعم وعند حصول الأمور السارة والأمور المحبوبة والمرغوبة فقال فلله الحمد يعني على هذه النعمة، ثم ذكر قضية الحديث الذي فيه أنه بعدما أذن جاء إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يؤذن يخبره بأن وقت الإقامة حضر فقالوا: إنه نائم فرفع صوته الصلاة خير من النوم فجعلوها في الأذان في أذان الصبح هذا يدل عليه ويدل عليه الحديث الذي بعده حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: من السنة إذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح يقول الصلاة خير من النوم في أذان الفجر ومعنى قوله الصلاة خير من النوم فمعلوم أن الصلاة خير من النوم لكن هذا فيه بيان أن من كان نائما ونودي إلى الصلاة وهو متلذذ بهذا النوم ومستمتع بهذا النوم وهو راغب في هذا النوم فيقال إنما تدعى له وهو الصلاة خير مما أنت فيه وهو النوم الذي أعجبك والذي أنت متلذذ ومرتاح فيه ما تدعى إليه خير مما أنت فيه.