٢٠٣ - وَعَن أَيُّوب عَن نَافِع عَن ابْن عمر قَالَ، قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ:" من جر ثَوْبه خُيَلَاء لم ينظر الله إِلَيْهِ يَوْم الْقِيَامَة. فَقَالَت أم سَلمَة: فَكيف يصنع النِّسَاء بذيولهن؟ قَالَ: يرخين شبْرًا، قَالَت: إِذا تنكشف أقدامهن؟ قَالَ: فيرخينه ذِرَاعا لَا يزدن عَلَيْهِ " رَوَاهُ النَّسَائِيّ، (وَالتِّرْمِذِيّ وَقَالَ: (حَدِيث حسن صَحِيح)). وَقد رُوِيَ عَن نَافِع عَن أم سَلمَة، وَعنهُ عَن صَفِيَّة عَن أم سَلمَة، وَعنهُ عَن سُلَيْمَان عَن أم سَلمَة. وَالله أعلم.
ثم ذكر هذا الحديث الذي يقول فيه النبي -صلى الله عليه وسلم-: «من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة» يعني معناه أن الإنسان لابد أن يستر نفسه ويستر العورة ويستر الشيء الذي يحتاج إليه زيادة عن العورة لكن ليس له أن يغطي كعبه وأن ينزل ثوبه عن الكعبين وأن من جر إزاره خيلاء لم ينظر الله إليه، وقوله خيلاء يعني هذا لا يعني أن الإنسان له أن يلبس وإذا قيل له لماذا قال أنا لا ألبسه خيلاء وإنما الإنسان لا يجوز له أن ينزل ثوبه أو إزاره إلى ما دون الكعبين وإنما يكون فوق الكعبين فإنزاله عنهما هذا يكون محرم ولا يجوز ومما يدل على أنه ليس من شرط المنع أن يكون خيلاء ما رواه البخاري في صحيحة في قصة ما حصل لعمر رضي الله عنه عند طعنه وكونه جلس بعد ذلك والناس يعودونه ويدعون له وكان ممن زاره رجل شاب لما جاء أثنى عليه قال هنيئا لك يا أمير المؤمنين صحبت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأحسنت صحبته ثم جئت مع أبي بكر رضي الله وكنت معه عونا له ثم وليت قال وددت أن يكون كفافا لا لي ولا علي ثم إنه لما أدبر وإذا ثوبه يمس الأرض لما ولى الغلام وإذا ثوبه يمس الأرض فقال ردوا علي الغلام ثم قال يابن أخي ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك ما قال أنت تجره خيلاء ولا ما هو خيلاء؟ وإنما أرشده إلى أنه يترك هذا الفعل الذي وقع فيه وهو كونه يجر ثوبه فقال ارفع ثوبك فإنه أتقى لربك وأبقى لثوبك فأرشده إلى فائدتين دنيوية وأخروية الدنيوية هي قوله أبقى لثوبك يعني معناه أن الثوب ما يتوسخ ويطول أمده وأتقى لربك بأن يكون أتقى الله عز وجل وعمل بما جاء عن الله وعن رسوله -صلى الله عليه وسلم- من عدم الإسبال وعدم جر الثياب وهذا من جنس الحديث الذي سبق أن مر بنا في السواك الذي قال:«السواك مطهرة للفم مرضاة للرب» فإن فيه فائدة دنيوية وأخروية فالفائدة الدنيوية كونه مطهرة للفم ويطهر الفم فتكون رائحته طيبة ويكون أيضا فائدة دنيوية وأخروية بكونه فعل طاعة لله عز وجل حيث قال: «ومرضاة للرب»، وقالت أم سلمة رضي الله عنها ما يفعل النساء بذيولهن قال:«يرخين شبرا» قالت: إذًا تنكشف أقدامهن، قال:«يرخين ذراعا ولا يزدن على ذلك» يعني معناه أن رجليها تكون مغطاة ولا تزيد على الذراع الذي يغطي الرجلين بأن تطيل ذيل ثوبها بحيث تجره وراءها وهو طويل وإنما على قدر ما يغطي الرجلين وهذا الحديث الذي فيه إرشاد الرسول -صلى الله عليه وسلم- إلى تغطية الرجلين يدل على وجوب تغطية الوجه وذلك أنه إذا كانت الرجلين أُمر بتغطيتهما والوجه هو محل الزينة ومحل الجمال فهو من باب أولى أن يغطى.