ثم ذكر هذا الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يتحدثون في الصلاة ويكلم الرجل صاحبه بحاجته وهو في الصلاة فلما نزلت الآية:(حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) قال أمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام ومعنى: (وقوموا لله قانتين) يعني خاشعين متذللين لله عز وجل ومن تمام الخشوع والتذلل أن الإنسان لا يكلم صاحبه فكان بعدما نزلت هذه الآية أمروا بالسكوت يعني السكوت عن الكلام بعضهم مع بعض وإنما يكون شغلهم في الصلاة ولهذا كانت تكبيرة الإحرام هي التي يحرم بعدها ما كان حلالا قبلها فالإنسان قبل أن يأتي بتكبيرة الإحرام له أن يتكلم وله أن يأكل ويشرب ويقوم ويقعد ويفعل ما يريد لكن إذا جاءت تكبيرة الإحرام حرم عليه أمور كانت حلالا قبلها لا تتعلق بالصلاة ولهذا قيل لها تكبيرة الإحرام وقد قال -صلى الله عليه وسلم-: «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم» يعني الإنسان إذا دخل فيها ليس عنده إلا شغل الصلاة ما يتكلم ولا يتحدث بشيء ولا يقوم ولا يقعد ولا يلتفت إلى أن يتم التسليم فيكون ما بين التكبير والتسليم هذا ليس فيه إلا أفعال الصلاة وأقوالها وقراءة القرآن والذكر وما إلى ذلك مما هو مطلوب في الصلاة فنزلت هذه الآية فأمروا بالسكوت ونهوا عن الكلام بالسكوت يعني في الكلام الذي كانوا اعتادوه من أنه يكلم بعضهم بعضا.