٣٨٤ - وَعَن عَائِشَة قَالَت:" لما ثقل رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ جَاءَ بِلَال يُؤذنهُ بِالصَّلَاةِ، فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ، قَالَت، فَقلت: يَا رَسُول الله! إِن أَبَا بكر رجل أسيف وَإنَّهُ مَتى يقم مقامك لَا يسمع النَّاس فَلَو أمرت عمر؟ فَقَالَ: مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ. قَالَت: [فَقلت لحفصة: قولي لَهُ: إِن أَبَا بكر رجل أسيف، وَإنَّهُ مَتى يقم مقامك لَا يُسمع النَّاس فَلَو أمرت عمر، فَقَالَت لَهُ، فَقَالَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: " إنكن لأنتن صَوَاحِب يُوسُف مروا أَبَا بكر فَليصل بِالنَّاسِ قَالَت:] فَأمروا أَبَا بكر يُصَلِّي بِالنَّاسِ، قَالَت: فَلَمَّا دخل فِي الصَّلَاة وجد رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ من نَفسه خفَّة فَقَامَ يهادى بَين رجلَيْنِ وَرجلَاهُ تخطان فِي الأَرْض، قَالَت: فَلَمَّا دخل الْمَسْجِد سمع أَبُو بكر حسه، ذهب يتَأَخَّر، فَأَوْمأ إِلَيْهِ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ: قُم مَكَانك، فجَاء رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ حَتَّى جلس عَن يسَار أبي بكر، قَالَت: فَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسا وَأَبُو بكر قَائِما، يَقْتَدِي أَبُو بكر بِصَلَاة رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ، ويقتدي النَّاس بِصَلَاة أبي بكر " مُتَّفق عَلَيْهِ.
ثم ذكر هذا الحديث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لما ثقل، اشتد به المرض -صلى الله عليه وسلم- فكان يقول:«مروا أبا بكر فليصل بالناس»، يعني معناه هو الذي يؤم الناس، فكانت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا رأت أن تقدم أبيها ومجيئَه بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس، ما يكون الناس مرتاحين لكون الرسول مَرِض، ولكونه جاءهم شخص غيره، فهي ما أرادت أن يكون أبوها هو الذي في النفوس، في نفوس الصحابة شيء من إمامته، لأنه لا يرتاح الناس لأحد يأتي بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيشقّ ذلك عليهم ويكونون يتألمون ويتأثرون.
فكانت عائشة رَضِيَ اللهُ عَنْهَا تقول هذا، ثم قالت لحفصة قولي له، فقال:«إنكن لصواحب يوسف»، يعني معنى ذلك: أنهن يقلن شيئًا وهنّ يردن غيره، وذلك أنها قالت: "أن أباها رجل أسيف"، يعني معناه: أنه بكّاء، وأنه لا يملك نفسه من البكاء، وأنه إذا صلى لا يُسْمِعُ الناس من البكاء، هذا هو الظاهر، ولكن الخفي والباطن الذي تريده أن الناس لا يتأثرون بكونهم صلوا وراء أحد بعد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقوم مقام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال:«إنكن لصواحب يوسف»، ثم إنه دخل في الصلاة أبو بكر، وكان في أولها، فوجد النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- خِفَّة، يعني أنه خفيف يمكن أنه يذهب، فذهب يهادى بين رجلين حتى جلس بجوار أبي بكر عن يساره، وكان ذلك في أول الصلاة، لم يمض شيء من الصلاة، فكان -صلى الله عليه وسلم- يصلي بالناس هو الإمام، وأبو بكر على يمينه يبلغ صلاته، فأبو بكر يسمع صلاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو صوته خافت، يعني ليس مرتفعًا، ثم يبلغ الناس يرفع صوته، يعني الذي هو أبو بكر، فدل هذا على أن الإمام [لعل الشيخ يريد "المأمومين"] إذا بدؤوا بالصلاة وهم قيام، ثم حصل طارئ أو عذر فإنهم يستمرون، ويستمرون على قيامهم، لأنهم دخلوا في الصلاة مع أبي بكر، ثم إنهم استمروا بعدما جاء الرسول -صلى الله عليه وسلم- وتحول من كونه -أبو بكر-، من كونه إمامًا إلى كونه مأمومًا، الرسول -صلى الله عليه وسلم- يكبر، وأبو بكر يبلغ تكبيره للناس.