ثم ذكر هذا الحديث عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أنه قال:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله، فإن كانوا في القراءة سواء، فأعلمهم بالسنة»، وهذا يدل على أن الأكثر قراءة، وأن الذي يكون أكثر من غيره قراءة أنه هو الأولى بالإمامة، وأنه إذا تساووا في القراءة فإنه يصار إلى من كان أعلم بالسنة، وإن كانوا اتفقوا بكونهم في الحفظ وفي العلم بالسنة سواء، فيقال أقدمهم هجرة يعني انتقال من بلد الكفر إلى بلد الإسلام، وإن كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سلمًا أي إسلامًا، من كان أسلم، إسلامه متقدمًا، وفي بعض الروايات أقدمهم سنًّا يعني إذا كان أكبر فإنه يقدم على غيره، وهذا الحديث يدلنا على بيان أولى الناس بالإمامة، وهو حديث صحيح رواه مسلم في صحيحه، وفي بعض الروايات بدل «سلمًا»، «سنًّا» يعني أكبرهم، وقد جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:«إذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم»، وهذا فيما إذا كانوا متماثلين، فإذا كانوا متماثلين ولم يبق إلا السنّ، فإنه يقدم من كان أقدم سنًّا، ولهذا جاء في الحديث «أقدمهم سنًّا» يعني الذي هو أكبر من غيره، وعلى هذا فإن الإمامة أول ما تكون، إنما تكون للأقرأ، ثم يكون من عنده علم بالسنة، ثم يكون من أقدم هجرة، ثم يكون من أقدم سلمًا، وفي بعض الروايات «سنًّا» بدل «سلمًا»، «ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه» يعني الحاكم والإمام إذا حضر فهو الأولى بالإمامة من الإمام الراتب، ولهذا قال:«ولا يَؤُمَّنَّ الرجلُ في سلطانه» يعني أنه هو الأولى، وهذا يدلنا على أن المرأة ليست أهلًا للولاية، لأنه قال:«يؤمهم» المرأة لو حصل هذا ما تصلي بالناس، ما تكون إمامة للرجال، فهذا يدلنا على أن المرأة لا تصلح للإمامة، وأنها لا تكون لها ولاية على الرجال، وإنما الرجال هم الذين لهم الولاية على الرجال والنساء، والنساء لا يكن لهن ولاية على الرجال لأنه قال:«ولا يؤم الرجل في سلطانه» والمقصود بذلك الرجل، وأما المرأة فليس لها حق الولاية، ولا يصح أن تتولى الإمامة لأن المرأة لا تؤم الرجال، فلا تؤمهم في الولاية، ولا تؤمهم في الصلاة، «ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه» إذا جاء الإنسان في مجلس إنسان، فإنه هو الذي ينزل الناس منازلهم، وهو الذي يقول لفلان "اجلس هنا، اجلس هنا" هذا إليه، ليس إلى الداخل، وليس إلى الضيف الذي يأتي، وأنه يتخير أحسن مكانٍ أو أقرب مكان فيصير يجلس فيه، وإنما المكان الذي يضعه فيه صاحب البيت هو الذي يجلس فيه، أما كونه يختار له مكانًا لا يرضاه صاحب البيت ولم يأذن له صاحب البيت فليس له أن يفعل ذلك.