فهذا أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه -إن صحت القصة، وفي السير يتسامح في الأسانيد- عندما دخل الغار أخر رسول الله؛ لأنه يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الشمس التي تنير الدنيا؛ فدخل الغار أولاً فسد كل فوهة أو فتحة في الغار فلم يجد شيئاً غير ثيابه فسد بها، ثم وجد فتحة واحدة لا تسدها ثيابه فسدها برجله، فجاءت حية فقرصته قرصة كاد يموت منها، ودموعه تنزل على خد رسول الله صلى الله عليه وسلم، كل هذا حفاظاً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقدم نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه.
وأروع من ذلك عندما رحل معه براحلته وهو يتقدم أمام رسول الله ثم يكون خلفه، ثم عن يمنيه ثم عن يساره صلى الله عليه وسلم، فمن رآه قال: هذا رجل مجنون! كيف يتقدم ثم يتأخر، ثم يأتي يساراً ثم يميناً؟ لِم يفعل ذلك؟!! وكأنه لن يجد جواباً لفعل أبي بكر إلا قولاً واحداً هو: نفس رسول الله تقدم على نفسي، فبه الإسلام وأنا ليس بي شيء، فيقدم نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه.