إن حكم من سب الله أنه يكفر وحده القتل بالاتفاق، وهناك أدلة كثيرة جداً قد مرت في (الصارم) في الكلام على سب الرسول صلى الله عليه وسلم، منها: قول الله تعالى: {وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ}[الأنفال:١٢].
وهناك دليل آخر في الكتاب، وهو: قول الله تعالى عن المنافقين: {مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا}[الأحزاب:٦١].
وأيضاً رأس الأدلة: ما رواه البخاري من حديث عكرمة قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من بدل دينه فاقتلوه)، فاتفق كل العلماء على أن حد من سب الله هو القتل، واختلفوا بعد ذلك، هل يطابق حكمه حكم الردة مطابقة كلية، أم هي حالة خاصة من الردة؟ اختلف العلماء في ذلك على أقوال ثلاثة: القول الأول: يقتل بكل حال ولا يستتاب، فإن تاب لم تقبل توبته.
وهذا مذهب الحنابلة والمالكية.
القول الثاني: يستتاب ويعامل معاملة المرتد، فإن تاب قبلت توبته وسقط القتل سواء في سب الله أو سب رسوله، وهذا مذهب الشافعية والأحناف ورواية عن أحمد، وهو قول الجمهور.
القول الثالث: هو التفريق والتفصيل، فقالوا: نفرق بين الله وبين رسوله، فمن سب الله جل في علاه فتاب قبلت توبته وسقط القتل، ومن سب الرسول صلى الله عليه وسلم فتاب لم تقبل توبته، ولم يسقط القتل، أو نستتيبه فيتوب حتى لا يقتل ردة فيقتل حداً.
فأقول: قال الشافعي ورواية عن أحمد والأحناف: إذا تاب قبلت توبته وسقط القتل، أما التفريق عند بعض الشافعية وبعض الحنابلة فقد رجَّحوه بالإسلام، قالوا: إذا تاب من سب الله جل في علاه قبلت توبته وسقط القتل، وإن تاب من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلت توبته لكنه لا يسقط عنه القتل بحال، بل لا بد أن يقتل ردعاً وزجراً حتى لا يتجرأ أحد على أن يسبَّ عرض النبي صلى الله عليه وسلم.