للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[حديث الأعمى الذي قتل الجارية لسبها النبي صلى الله عليه وسلم]

الدليل الثاني: رجل عجوز أعمى، وكان له أمة يحبها جداً، وكان يطؤها، فكانت تكفيه شهوة وعملاً وخدمة، وكان له منها ولد وكانت تغنيه في كل شيء، لكن كانت تسب رسول الله -بأبي هو وأمي- وكان ينهاها عن ذلك، فاستطالت مرة في عرض رسول الله وكررت ما تقول وزادت في إيذائها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فكان عنده معول فبقر به بطنها فقتلها، ولما قام النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن قتل هذه المرأة قام الأعمى فقال: أنا يا رسول الله! لأنها كانت تفعل كذا وكذا، فأهدر النبي صلى الله عليه وسلم دمها هدر.

وجه الدلالة في الحديث: أنه أهدر دمها وأقر قتلها، فمن باب أولى نقض الأمان والعهد، فليس هناك أو أمان أو ذمة طالما سب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد يورد الأحناف إشكالاً فيقولون: يظهر من هذا الحديث أنها كانت مسلمة، فيرد عليهم: أنه كان ينهاها وكانت تزيد، ووجه الدلالة: أنها لو كانت مسلمة ما كان للنهي فائدة وقت السب، وإنما تقتل مباشرة لأنها أصبحت مرتدة.

المقصود: أنها لو كانت مسلمة لحظة السب لارتدت في وقتها، ولما جاز له أن يصبر عليها كل هذا الصبر، وينهاها مرة تلو المرة؛ لأنها لو كانت مسلمة لارتدت، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من بدل دينه فاقتلوه) وإن كانت من النساء، خلافاً للأحناف، فلو كانت الأمة مسلمة لارتدت في الوقت ذاته، فدل ذلك على أنها كانت كافرة، فكان ينهاها مرة بعد مرة فلم تنته، فنقض عهد الأمان وقتلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>