أولاً: الأدلة الواردة من كلام الله جل في علاه، وسنقسم الأدلة إلى صريح ومستنبط: فمن الأدلة الصريحة: قول الله تعالى: {يَحْذَرُ الْمُنَافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِمْ}[التوبة:٦٤] ثم قال بعد ذلك: {قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٥ - ٦٦]، وهذا صريح؛ لأن الله جل وعلا أخبر أنهم كفروا بعدما آمنوا، وأقر أنهم على إيمان، فكفروا وخرجوا من الملة بذلك، ولذلك قالوا:(يا رسول الله! والله ما كنا إلا نلهو)، يعني: أنهم ما قصدوا الاستهزاء، ولا قصدوا السب والأذى، ومع ذلك قال شيخ الإسلام: فهذه الآية تدل دلالة واضحة على أن الذي يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء هازلاً أو جاداً أو قاصداً فإنه يكفر بذلك، ولذلك هم قالوا: ما قصدنا الاستهزاء؛ فقال الله تعالى:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} * {لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٥ - ٦٦] وهذا الكفر الذي وقعوا فيه هو حكمهم، وذلك أنهم ارتدوا عن دين الله جل في علاه، والحد في ذلك هو القتل، وأغلظ ما وقعوا فيه من الردة هو سب الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين:(من بدل دينه فاقتلوه) ومن سب رسول الله فقد بدل دينه لقول الله تعالى: ((قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ)) فمن بدل دينه حكمه القتل.
وكذلك ورد في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث، وذكر من الثلاث: التارك لدينه المفارق للجماعة) والذي يسب الرسول صلى الله عليه وسلم قد ترك دينه بنص كلام الله جل وعلا، قال تعالى:((قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ))، وأيضاً هو مفارق للجماعة لأنه ليس من أهل الإسلام، فمن سب النبي صلى الله عليه وسلم، أو استهزأ بالنبي صلى الله عليه وسلم، أو آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحكمه الكفر بنص الآية، وحده القتل بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم.