وما أروع تمسك صحابة رسول الله بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وتقديم قول رسول الله على كل شيء، وتقديم فعل رسول الله وإقراره على كل رأي وهوى! إن الله أوحى إلى نبيه أن يبلغ الأمة بأسرها أن تعض على سنته بالنواجذ، فقال كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا: يا رسول الله! ومن يأبى؟! -أي اندهشوا من هذا الذي يأبى أن يدخل الجنة- قال: من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى).
وقال صلى الله عليه وسلم:(من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله)، بل ارتقى إلى قول أكثر من ذلك، قال:(من أطاع أميري فقد أطاعني)، ومن أطاع رسول الله فقد أطاع الله جل في علاه، (ومن عصى أميري فقد عصاني)، ومن عصى رسول الله فقد عصى الله جل في علاه.
فهو يؤسس أصلاً لا بد من العمل به.
وأيضاً صح عنه صلى الله عليه وسلم في مسند أحمد ورواية في سنن أبي داود: قوله (لا ألفين أحدكم على أريكته شبعان، يأتيه الأمر من أمري فيقول: ننظر في كتاب الله!)، فلا يحق له أن يفعل ذلك، فما علمنا كيفية الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر إلا من سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي رواية الحاكم قال:(لا ألفين أحدكم شبعان على أريكته يأتيه الأمر من أمري فيقول: ننظر في كتاب الله، فما وجدناه حلالاً أحللناه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ألا وإني أوتيت القرآن ومثله معه، ألا وإن ما حرم رسول الله كما حرم الله، وما أحل رسول الله كما أحل الله).
وفي المسند من حديث العرباض بن سارية قال:(وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة بليغة، فقلنا: يا رسول الله! كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، وفي رواية للنسائي قال:(وكل بدعة في النار).
لذلك وعى الصحابة الدرس عن رسول الله، وتمسكوا بسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقادوا وسادوا، وكانت لهم الريادة المطلقة؛ لأنهم حكَّموا رسول الله، وقول رسول الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل دقيق وجليل، في كل صغير وكبير.