[الأدلة الواردة من القرآن في ثبوت ردة من سب رسول الله]
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
ثم أما بعد: أيها الإخوة الكرام! ما زلنا مع الكلام على هذا الكتاب الماتع الجليل كتاب: مختصر الصارم المسلول، وأصل الكتاب لشيخ الإسلام ابن تيمية، والمختصر للفقيه البعلي.
وقد تحدثنا في الأسبوع الماضي عن حكم من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحد من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتكلمنا عن الحكم وعن الحد وقلنا: إن الذي يسب رسول الله له حالتان: الحالة الأولى: أن يكون مستأمناً أو ذمياً أو معاهداً، وقد شرحناه في الأسبوع الماضي وبينا الأدلة على حده؛ لأنه أصلاً كافر في الأصل، وهل ينتقض عهده أو تنتقض الذمة أو ينتقض الأمان الذي أخذه بعد دخوله البلاد الإسلامية بسب الرسول صلى الله عليه وسلم أم لا؟ بينا الأسبوع الماضي هذا الكلام، وبينا أن هناك خلافاً بين العلماء، وأتينا بالأدلة على الراجح منها.
الحالة الثانية: أن يكون الساب مسلماً، فإذا سب رسول الله صلى الله عليه وسلم -بأبي هو وأمي- فحكمه الكفر، وأنه ارتد عن دين الله بذلك، وهذا بإجماع من يعتد بإجماعه، وقلنا: خالف في ذلك المرجئة فقط، حيث قالوا: لا بد أن ننظر في استحلال قلبه، فإن استحل بقلبه يكفر، وإن لم يستحل لا يكفر، ويكون فعله كبيرة من الكبائر، وهذا قول المرجئة نعوذ بالله من الخذلان! أما إجماع الصحابة وإجماع أهل السنة والجماعة فمفاده: أن الذي يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من الملة ويكفر بذلك، وحده القتل، والأدلة على ذلك كثيرة من الكتاب والسنة، ومن إجماع الصحابة، بل ومن النظر، واليوم إن شاء الله سنتناول الكلام على الأدلة من الكتاب والسنة على أن من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج بذلك من الملة ويصير مرتداً.