من سب الدهر أو سب الريح فإنه لا يكفر بذلك؛ لأنه لم يسب الله صراحة؛ ولأنه لم يقصد السب لله جل في علاه، والنبي صلى الله عليه وسلم لما نهى عن سبِّ الريح لم يقل: إنه كفر، ففي الحديث الصحيح:(لا تسبوا الريح)، وأما الحديث الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم فيه:(قال الله تعالى: لا تسبوا الدهر، فمن سب الدهر فقد كفر) فهو حديث موضوعٌ ومكذوبٌ على النبي صلى الله عليه وسلم، والحديث الصحيح هو قول النبي صلى الله عليه وسلم:(قال الله تعالى: لا تسبوا الدهر، فأنا الدهر أقلب الليل والنهار)، وقال:(يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار).
ولم يذكر الكفر فيه.
فمن سب الدهر أو سب الريح أو سب الأسباب فإنه لا يكفر بذلك، لكنه على خطر عظيم وعلى شفا هلكة؛ لأنه يتخذ ذلك ذريعة ووسيلة إلى أن يتجرأ على الذات العليا، فالله هو الذي سبب الأسباب؛ وهو الذي خلق الريح؛ وهو الذي يقلب الليل والنهار، وهذه مسألة مهمة للتفريق بين من يسب الله، وبين الذي سب الأيام أو الليالي أو الريح.
فالذي يسب الأيام والدهر والريح لا يكفر وهو على خطر عظيم، لكن إذا قلنا باللازم فإنه يصبح من الممكن أن الإنسان يكفر، وهذه قاعدة عند علمائنا يعملون بها بفضل الله سبحانه وتعالى دائماً، فيقولون: لازم القول ليس بقول إلا أن يحدث الإقرار من صاحب القول بذلك، فنقول له: لازم قولك أنك تسب الله، فإن التزم هذا القول نقول له: قد كفرت بذلك وإلا فلا.