[فضل الصحابة وأثرهم في حماية الملة]
إن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم الأخيار الأماجد الأكارم الأفاضل، أبر الناس قلوباً، وأحسن الناس خلقاً، وأصدقهم لهجة، وأكثرهم علماً، وأزهدهم في الدنيا، وأخلص الناس طلباً للآخرة، وهم خير صحبة بعثها الله جل في علاه لنبي بعثه للناس أجمعين، وهم الذين حملوا هذا الدين فجاءنا غضاً طرياً على أكتافهم، وهم الذين باعوا الدنيا بأسرها من أجل رفعة هذا الدين ورفع راية لا إله إلا الله، فكل منهم باع نفسه وأهله وماله وكل ما يملك من أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أجل التمكين لهذا الدين، فاستحقوا التعديل من الله جل في علاه من فوق سبع سموات، وعلى لسان النبي صلى الله عليه وسلم.
قال الله تعالى ويا لها من آية في تعديل الصحابة: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح:٢٦]، وكلمة (أحق) هي شهادة من الله جل في علاه على أنهم أحق صحبة برسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: {وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} [الفتح:٢٦].
وقال الله تعالى مادحاً إياهم: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا} [الفتح:٢٩].
وقال الله تعالى: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} [الفتح:١٨].
وقال الله تعالى: {لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ} [التوبة:١١٧] والآيات كثيرة في مدح الصحابة عموماً، ومن ذلك مدح الأمة، فإن أول من يدخل في هذا المدح هم الصحابة الكرام كقول الله تعالى: {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران:١١٠]، وأولى الناس بهذه الآية هم الصحابة.
وفي الصحيح كما في البخاري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (خير الناس قرني) أم لفظ: (خير القرون قرني) فلا يصح بحال.
ولكن الصحيح في البخاري هو قوله: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم).
وقد صح عن نبينا صلى الله عليه وسلم قوله: (تغزون أو يغزوا فئام من الناس فيقال: أفيكم من صاحب رسول الله؟ فيقولون: اللهم نعم! فيفتح لهم) وقد فتح لهم بسبب وجود صحابة رسول الله كرامةً لهم.
فالغرض المقصود: أن النبي صلى الله عليه وسلم عدلهم وزكاهم، وقد حرج أشد الحرج على من طعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كما في الصحيح: (لا تسبوا أصحابي، فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) حتى إنه قاله للمتأخرين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم كما في البخاري عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (حب الأنصار من الإيمان، وبغض الأنصار من النفاق) فجعل علامة الإيمان: حب صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجعل علامة النفاق: بغض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.