[الرد على من يقول:(إن صاحب الكبيرة مخلد في النار)]
السؤال
كيف الرد على المرجئة الذين يقولون: إن صاحب الكبيرة مخلد في النار؟
الجواب
ليس هذا قول المرجئة، والذين يقولون: صاحب الكبيرة مخلد في النار، يستدلون بقوله تعالى:{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}[النساء:٩٣]، والذين يقولون بهذا هم الخوارج والمعتزلة، فالصواب أن نقول: كيف الرد على الخوارج والمعتزلة؟ وهم يستدلون بمثل هذه الآية.
وفيما يتعلق بالاستدلال بالنصوص هناك قاعدة مهمة جداً وهي: أن النصوص لابد أن يفسر بعضها بعضاً، فنحن عندنا أدلة تفيد أن مرتكب الكبيرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه إذا مات على كبيرته، وأنه إن عذبه يخرج من النار بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، وبغير شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، كما دلت على ذلك قطعيات النصوص المتواترة، ومن ذلك القاتل، فالقاتل مرتكب كبيرة، والآية التي فيه من باب الوعيد، والوعيد راجع إلى مشيئة الله، هذا شيء.
الشيء الآخر: أن كثيراً من أهل العلم قالوا: إن الخلود لا يعني دائماً الأبدية إلا إذا دلت قرائن وأدلة أخرى؛ فليس كل ما يدل على الخلود يدل على الأبدية، ثم إن الوعيد غير الوعد، الوعد نعلم جزماً أن الله عز وجل لا يخلف الميعاد، لكن الوعيد تهديد، والله عز وجل رحمته سبقت عذابه، ولطفه بعباده هو المقدم وكذلك تيسيره للعباد ورحمته بهم هي الأصل، فإن الله عز وجل قد يتوعد العبد ثم يغفر له، وهذا مقتضى الكرم والكمال لله سبحانه، ألا ترون -ولله المثل الأعلى- أن الإنسان لو توعد غيره وهو قادر على أن يفعل الوعيد، ثم فجأة سمح وعفا ألا يعتبر هذا كرماً؟ فإذا كان قادراً ثم عفا فهذا كمال، ولله المثل الأعلى وهو أولى بالكمال، وكل كمال اتصف به المخلوق فالخالق سبحانه أولى به.
إذاً: لابد من تفسير مثل هذا النص بالنصوص الأخرى، ولذلك من قواعد السلف رد نصوص الوعيد إلى نصوص الوعد، وكذلك نصوص الوعد إلى نصوص الوعيد، فمن أخذ بالوعد وحده فهو مرجئ، ومن أخذ بنصوص الوعيد وحده فهو على منهج الخوارج كما ذكر السلف.