كلمة أهل السنة والجماعة من الكلمات البرّاقة التي تحلو لكثير ممن يريد أن يجلب الناس إليها، لكن السنة والجماعة هي سلوك ومنهج وعمل، وهي أيضاً دين وعلم، وهي علم وعمل، وهي قدوة واهتداء واقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وبصحابته، فمن كان على ذلك فهو من أهل السنة والجماعة، ومن لم يكن على ذلك فلا يكون من أهل السنة وإن ادعى هذا، لكن تحسن الإشارة إلى أن بعض الفرق تدّعي أنها أهل السنة والجماعة لا سيما الأشاعرة والماتريدية، فإنهم يدّعون أنهم أهل السنة والجماعة، وهذه الدعوى تحتاج إلى شيء من التفصيل، فالأشاعرة والماتريدية أصناف، فهناك الأشاعرة والماتريدية أصحاب الأصول الكلامية وهم أغلب الأشاعرة، وهؤلاء ليسوا على منهج أهل السنة والجماعة في أغلب أمور العقيدة، وإن وافقوا أهل السنة والجماعة في الأحكام والإيمان والصحابة وبعض القضايا والقواعد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وكثير من أصول الفقه، لكن العبرة بالاعتقاد، فهم في الاعتقاد يخالفون أهل السنة والجماعة، وهم من الفرق التي خرجت عن منهج أهل السنة والجماعة، ولذلك سموا أشاعرة وماتريدية، والسلف كانوا يقولون: من انتسب إلى غير الإسلام والسنة فلينتسب إلى أي دين شاء، فهم أشاعرة وماتريدية، ولو قيل لهم: لستم أشاعرة ولا ماتريدية لغضبوا، وهؤلاء هم غالب الأشاعرة أهل الكلام.
وهناك من ينتسب إلى الأشاعرة من أهل الحديث وأهل الفقه ومن بعض العُبّاد والنُسّاك وغيرهم، وقد لا يكون على مذهب الأشاعرة، قد يكون من أهل السنة، فهذا سني لكن قد يُخطّأ إذا لم يكن صاحب بدعة، أو يبدّع في انتسابه للأشاعرة فقط، وعلى هذا فدعوى الأشاعرة أنهم أهل السنة والجماعة دعوى تحتاج إلى نظر، وليست مسلّمة لهم، وكما قلت: إن الناس إذا اختلفوا في شيء يتحاكمون إلى الكتاب والسنة، ومن كان على نهج السلف فهو من أهل السنة والجماعة وإن لم يكن كذلك، فما خالف فيه يخرج عن أهل السنة والجماعة، وما وافق فيه أهل السنة والجماعة يُنسب في هذه الجزئية إلى أهل السنة، يقال: إنه في كذا على مذهب أهل السنة.