قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويشهد أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان، وأنهما باقيتان لا تفنيان أبداً، وأن أهل الجنة لا يخرجون منها أبداً، وكذلك أهل النار الذين هم أهلها خلقوا لها لا يخرجون أبداً، ويؤمر بالموت فيذبح على سور بين الجنة والنار، وأن المنادي ينادي يومئذ:(يا أهل الجنة خلود ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت) على ما ورد به الخبر الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم].
أيضاً هذه من قواعد السلف المتفق عليها، وهي أن أهل النار الخُلّص -نسأل الله العافية- من الخالدين فيها، وأن أهل الجنة والذين مآلهم إلى الجنة حتى ممن يطهّرون في النار -نسأل الله أن يجعلنا من أهل الجنة- مخلدين فيها أيضاً، وما نسب إلى بعض أهل العلم من أن النار تفنى وينقطع عذابها، فهذه في الحقيقة شبهة، وليست مفسرة تفسيراً بيناً يجعلنا نجزم بأنهم خرجوا عن هذه القاعدة، وما نسب إلى شيخ الإسلام ابن تيمية من أنه يقول بهذا القول فعند التحقيق يثبت أنه لم يصح أنه يقول به، وغاية ما انتهى إليه بحثه أنه سرد أقوال القائلين بهذا القول وذكر أدلتهم، ولم يعلق عليها بشيء في ذلك الموضع، فطبعت في كتاب مستقل محقق، لكن شيخ الإسلام في عموم مقالاته وآرائه ومواقفه التي رد بها على الآخرين يؤكد مذهب أهل السنة والجماعة في خلود أهل النار الخُلّص فيها، نسأل الله السلامة، فعلى هذا لا ينبغي أن ينسب لـ شيخ الإسلام غير هذا القول، وكما قلت وأكرر: إنه فعلاً ذكر الأقوال، وذكر قولاً نسبه إلى بعض السلف لكنه قولاً مجملاً، وفي الحقيقة عند التحقيق تجد أن القول مضطرب ليس بواضح، ولكل واحد فيه تأوّل، فقول من قال بأن النار ينقطع عذابها، وأنه ينتهي عذاب أهل النار، نسبه إلى طائفة من السلف وذكر أدلتهم واستطرد في هذا استطراداً يظن القارئ بأنه يؤيده وهو لا يؤيده، لكن هذا من تمكنه في البحث رحمه الله، وقد استقرأ أقوال الناس حتى سردها في صفحات طويلة.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.