قال رحمه الله تعالى:[ويحرم أصحاب الحديث المسكر من الأشربة المتخذة من العنب أو الزبيب أو التمر أو العسل أو الذرة أو غير ذلك مما يسكر، يحرمون قليله وكثيره، ويجتنبونه، ويوجبون به الحد.
ويرون المسارعة إلى أداء الصلوات وإقامتها في أوائل الأوقات أفضل من تأخيرها إلى آخر الأوقات.
ويوجبون قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام، ويأمرون بإتمام الركوع والسجود حتماً واجباً، ويعدون إتمام الركوع والسجود بالطمأنينة فيهما، والارتفاع من الركوع والانتصاب منه والطمأنينة فيه، وكذلك الارتفاع من السجود، والجلوس بين السجدتين مطمئنين فيه من أركان الصلاة التي لا تصح إلا بها].
كل هذه الأمور التي ذكرها المصنف تدخل في الأحكام والعبادات، وأحياناً يذكر بعض السلف ومنهم الصابوني هنا بعض الأشياء الاجتهادية التي يرجحها على مذهبه، فمثلاً: قوله: (يوجبون قراءة فاتحة الكتاب خلف الإمام) هذا قول من أقوال الشافعية وليس هو القول الراجح عند جمهور أهل الحديث، وإن كان محل خلاف، لكن أقصد أنه لا يدخل في باب الأمور التي يتميز بها أهل السنة عن غيرهم، بل هو من الخلافيات عند أهل السنة.
أما مسألة إتمام الركوع والطمأنينة فلاشك أنه رأي جمهور أهل السنة، بل اتفاق أهل السنة والجماعة، وهذا فيه إشارة إلى بعض المذاهب التي تساهلت بالأمر، حتى إنها جعلت بعض أعمال الصلاة تؤدى بلا طمأنينة، خاصة بعض الأحناف؛ فإن بعضهم لا يكادون يقيمون الرفع من الركوع، وبعضهم لا يقيم الجلوس بين السجدتين، وكذلك الرافضة، لكن الرافضة هذا ليس بغريب عليهم فكثير من الأحكام يخالفون فيها المسلمين، إنما يستغرب من مثل الأحناف وهم من مذاهب أهل السنة الفقهية، أن يكون منهم عدم الطمأنينة في مثل هذا الركن العظيم من أركان الصلاة، فمن هنا أشار الشيخ إلى مثل هذا الأمر مع أنه من باب الأحكام؛ لكن ذكره لأن هناك من قال به وخلافه شاذ، ولذلك هذه قاعدة عند السلف: أن كل من خالف في أمر من أمور الأحكام شذ فيه عن جمهور السلف يعد خلافه عقدياً، مثل ما جاء في مسألة المسح على الخفين، فإنهم ذكروها في باب العقائد؛ لأن الرافضة أنكرت ذلك، فجاءوا بها في باب العقائد؛ لأن القول بعدمها ترك للدليل، ومن ترك الدليل فقد اختلت عقيدته.
فبعض الأمور تكون خلافية كما قلت، ويكون هذا هو رأي المؤلف، وبعد أن انتهى من الأحكام والعبادات سيتكلم عن الآداب.