للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرد على من أنكر أو أول صفة مجيء الله عز وجل وإتيانه]

قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو عبد الله -أعني: ابن أبي حفص -: هذا عبد الله بن عثمان -وهو عبدان شيخ مرو- يقول: سمعت محمد بن الحسن الشيباني يقول: قال حماد بن أبي حنيفة: قلنا لهؤلاء: أرأيتم قول الله عز وجل: {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر:٢٢] وقوله عز وجل: {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمَامِ وَالْمَلائِكَةُ} [البقرة:٢١٠]؟ وهل يجيء الملك صفاً صفاً؟ قالوا: أما الملائكة فيجيئون صفاً صفاً، وأما الرب تعالى فإنا لا ندري ما عنى بذاك، ولا ندري كيفية جيئته.

فقلنا لهم: إنا لم نكلفكم أن تعلموا كيف جيئته، ولكنا نكلفكم أن تؤمنوا بمجيئه، أرأيتم من أنكر أن الملك لا يجيء صفاً صفاً ما هو عندكم؟ قالوا: كافر مكذب، قلنا: فكذلك من أنكر أن الله سبحانه لا يجيء فهو كافر مكذب].

هذه من أساليب السلف في الرد، وهي أساليب تميزت بالوضوح والإيجاز مع قوة الحجة والبعد عن التكلف، وهي حجة عقلية، هذه الحجة العقلية جمعت بين الاستدلال الشرعي والعقلي، فهي حجة كافية لمن أراد أن يقف على الحق، ولو تأملتم ما فيها من معاني ملزمة لوجدتم أنها كافية، لكن غالب أهل الأهواء تقوم أهواؤهم على المراء والجدل والانتصار للنفس والرأي، وإلا فهي أدلة شرعية عقلية فطرية فيها البساطة والوضوح واليسر، بعيدة عن التعقيد وعن التفلسف أو إثارة الإشكالات والمراء والجدل.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [وقال الفضيل بن عياض: إذا قال لك الجهمي: أنا لا أؤمن برب يزول عن مكانه، فقل أنت: أنا أؤمن برب يفعل ما يشاء].

كذلك هذه من الحج السهلة القوية الفطرية التي لا تحتاج إلى مزيد تكلف، والذي يريد الحق يتبين له الكلام أو الحق من مثل هذا الكلام الموجز البين المبسط الواضح الذي يفهمه صغار طلاب العلم فضلاً عن كباره.

<<  <  ج: ص:  >  >>