قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويشهدون أن في الدنيا سحراً وسحرة، إلا أنهم لا يضرون أحداً إلا بإذن الله عز وجل، قال الله عز وجل:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ}[البقرة:١٠٢]، ومن سحر منهم واستعمل السحر واعتقد أنه يضر أو ينفع بغير إذن الله تعالى فقد كفر].
معنى هذا أن حقيقة السحر قد تنفع أو تضر لكن بإذن الله عز وجل، فالسحر قد يكون فيه نفع وقد يكون فيه ضرر أيضاً، لكن هذا النفع والضرر من باب المحرم، وقد يكون من باب الشرك، وهو أيضاً من تقدير الله عز وجل وليس من استقلالية السحرة أو الشياطين، فالله عز وجل إذا قدر على بعض العباد الشر فقد يكون من خلال السحر أو فعل السحرة، فالسحر له حقيقة وله تأثير، لكن تأثيره بإذن الله عز وجل وابتلاء بالعباد.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وإذا وصف ما يكفر به استتيب، فإن تاب وإلا ضربت عنقه].
إذا وصف الساحر أشياء شركية أو كفرية كأن يطلب الذبح لغير الله عز وجل أو الذبح من غير تسمية، أو يطلب الدعاء لغير الله، أو يطلب شيئاً مما يوجب الردة كالاستهزاء بدين الله عز وجل، أو الاستهزاء بالقرآن، أو الإساءة إلى القرآن أو نحو ذلك فهذا كفر، وهذا يحدث كثيراً من السحرة، يحدث منهم أن يطلبوا من الجهلة الذين يرتادونهم شيئاً مما يقتضي الردة والكفر، وكثير من الجهال يظنون أن هذا من مقتضيات العلاج العادي، أو أنه علاج ليس فيه شركيات، وأغلب العوام وأشباه العوام لا يعرفون ولا يميزون، لاسيما وأن السحرة يلبسون على الجهلة، فكثير من السحرة الآن مثلاً إذا أراد أن يقوم بعمل يعمله يتلو على من عنده آيات من القرآن ويستغفر، ويأتي بأشياء من الموهمات والأوراد والذكر ويحوقل، ثم يصطاد المسلم الجاهل الغر بالسحر وبالشرك، وقد نُقِل لنا هذا كثيراً عن السحرة الموجودين الآن، فالواحد منهم يخلط الحق بالباطل ويلبس، وقد يتظاهر بأنه صالح، وأنه يستعين بالله عز وجل، ثم يوقع هؤلاء الأغرار المساكين في الشركيات.
فالمهم أنه إذا طلب شيئاً شركياً أو ادعاء الغيب أو نحو ذلك فهذا كفر.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وإذا وصف ما ليس بكفر أو تكلم بما لا يفهم نهي عنه، فإن عاد عزر].
كأن يطلب أشياء غريبة أو يستعمل أرقاماً، أو يستعمل تمتمات وكلمات غير مفهومة، أو يلبس على الناس بأحوال غامضة كأن يستعمل الغرف المظلمة أو الإضاءة غير الطبيعية، أو يستعمل الخرق وغيرها يعني: أيُّ أمر لا يعرف له وجه شرعي ولا وجه معتاد فهذا نوع من الشعوذة، قد لا تصل إلى حد الردة والكفر، لكنها شعوذة ومن كبائر الذنوب، ومع ذلك فالغالب أنها لا تكون إلا من خلال من يستعمل الكفريات، وحتى لا نجعل هذه تبرئة لمن يستعملونها مطلقاً نقول: قد تكون وسيلة إلى استعمال كفريات من حيث يشعر الإنسان أو لا يشعر.
فالمهم أن استعمال هذه الطلاسم والألغاز والعبارات غير المفهومة والطلبات غير المفسرة والأدوية التي لا تجري العادة بأن لها نفعاً هذا كله يدخل في الشعوذة والدجل، وهو مما لا يفهم، وأغلبه من كبائر الذنوب أو الكفر.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[وإن قال: السحر ليس بحرام، وأنا أعتقد إباحته، وجب قتله؛ لأنه استباح ما أجمع المسلمون على تحريمه].