إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد: فيقول المصنف رحمه الله تعالى: [وإحدى علامات أهل السنة: حبهم لأئمة السنة وعلمائها وأنصارها وأوليائها، وبغضهم لأئمة البدع الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة ونورها بحب علماء السنة؛ فضلاً منه جل جلاله ومنة].
هذه قاعدة ذكرها المؤلف قبل في المقاطع السابقة، وذكر أيضاً مقابلها:(وهو أن من علامات أهل البدع بغض أهل السنة والجماعة)، أقول: وينضاف إلى هذا أنه ما من أحد من أهل الأهواء تعرض لأحد أئمة السنة الأحياء أو الأموات فيما يتعلق بإمامته في الدين أو لمزه بأمر يتعلق بالسنة التي كان عليها، أو طعن في منهجه، أو طعن في دينه وذمته في أمر يتعلق بمصالح الدين والأمة، إلا ويصاب بفتنة، ويفضحه الله أمام الخلائق، نسأل الله العافية، وفي عصرنا هذا وقعت وقائع تأملتها، ووجدت أن هناك من تجرءوا على بعض أئمة الهدى المعاصرين الأحياء والأموات، وكانت جرأتهم عن هوى -والله أعلم بحالهم، لكن فيما يظهر-، وكانت هذه الجرأة تتعلق بمناهج الدين، فلمزوهم وقالوا فيهم قولاً لا يليق بمسلم أن يقوله، وطعنوا في ذممهم وفي مناهجهم في أمر يتعلق بمصالح المسلمين، فوجدت هؤلاء الذين لمزوا أهل العلم والفضل وأئمة الدين أصيبوا بفتنة، نسأل الله العافية.
قال المصنف رحمه الله تعالى:[قال أحمد بن سلمة: قرأ علينا أبو رجاء قتيبة بن سعيد كتاب الإيمان له، فكان في آخره: فإذا رأيت الرجل يحب سفيان الثوري ومالك بن أنس والأوزاعي وشعبة وابن المبارك وأبا الأحوص وشريكاً ووكيعاً ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدي، فاعلم أنه صاحب سنة.
قال أحمد بن سلمة رحمه الله: فألحقت بخطي تحته: ويحيى بن يحيى وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، فلما انتهى إلى هذا الموضع نظر إلينا -أهل نيسابور- وقال: هؤلاء القوم يتعصبون لـ يحيى بن يحيى، فقلنا له: يا أبا رجاء ما يحيى بن يحيى؟ قال: رجل صالح إمام المسلمين، وإسحاق بن إبراهيم إمام، وأحمد بن حنبل أكبر ممن سميتهم كلهم.
وأنا ألحقت بهؤلاء الذين ذكرهم قتيبة رحمه الله أن من أحبهم فهو صاحب سنة من أئمة أهل الحديث الذين بهم يقتدون وبهديهم يهتدون، ومن جملتهم ومتبعيهم وشيعتهم أنفسهم يعدون، وفي اتباعهم آثارهم يجدون، جماعة آخرين منهم: محمد بن إدريس الشافعي المطلبي الإمام المقدم والسيد المعظم، العظيم المنة على أهل الإسلام والسنة، الموفق الملقن الملهم المسدد، الذي عمل في دين الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم من النصر لهما والذب عنهما ما لم يعمله أحد من علماء عصره ومن بعدهم، ومنهم الذين كانوا قبل الشافعي رحمه الله، كـ سعيد بن جبير والزهري والشعبي والتيمي ومن بعدهم، كـ الليث بن سعد والأوزاعي والثوري وسفيان بن عيينة الهلالي وحماد بن سلمة وحماد بن زيد ويونس بن عبيد وأيوب السختياني وابن عون ونظرائهم، ومن بعدهم مثل: يزيد بن هارون وعبد الرزاق وجرير بن عبد الحميد، ومن بعدهم مثل: محمد بن يحيى الذهلي ومحمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج القشيري وأبي داود السجستاني وأبي زرعة الرازي وأبي حاتم وابنه، ومحمد بن مسلم بن وارة ومحمد بن أسلم الطوسي وعثمان بن سعيد الدارمي ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الذي كان يدعى: إمام الأئمة، ولعمري كان إمام الأئمة في عصره ووقته، وأبي يعقوب إسحاق بن إسماعيل البستي، وجدي من قبل أبي أبي سعيد يحيى بن منصور الزاهد الهروي وعدي بن حمدويه الصابوني، وولديه سيفي السنة: أبي عبد الله الصابوني وأبي عبد الرحمن الصابوني وغيرهم من أئمة السنة الذين كانوا متمسكين بها ناصرين لها داعين إليها دالين عليها].