[عدم وجود مذهب المعتزلة بأصوله الخمسة مع وجود أفكارهم في الفرق الضالة]
السؤال
قولك: إن مذهب المعتزلة قد أفل بعد انتهاء المحنة والفتنة، فهل تقصد بهذا أئمتهم، أم أفكارهم، مع أن بعض الكتاب وبعض الحداثيين في زماننا ينتهجون أفكار المعتزلة، وخاصة في تقديم العقل في أمور كثيرة؟
الجواب
أفل نجم المعتزلة بالذات بعد الفتنة في زمن الواثق والمتوكل الذي جاء بعده، كفرقة مستقلة لها أصولها التي تجتمع عليها وهي الأصول الخمسة، والمعتزلة لهم أصول خمسة، وهذه الأصول الخمسة يقال إن من جمعها فهو معتزلي، ومن لم يجمعها لا يكون معتزلياً، فأفلت المعتزلة المجتمعة على هذه الأصول، لكن بقيت الأفكار التي ذابت في معتقدات بعض الفرق، فبقيت أفكارها عند الشيعة الروافض وبقيت أفكارها كذلك عند الخوارج، فأصبح المتأخرون من الشيعة معتزلة في القدر والأسماء والصفات، وكذلك الخوارج أصبحوا معتزلة وما يزالون، أي: ما يزال إلى الآن الشيعة يقولون بمقالات المعتزلة، فكتبهم تقول: إن القرآن مخلوق، ويقولون: إن الله لا يرى يوم القيامة، وينفون القدر، ويقولون بمقالات المعتزلة الأوائل ويستندون إليها، ومن أمثلتهم ابن بابويه القمي في كتابه التوحيد، والمجلسي في بحار الأنوار، والكليني في الكافي وغيرهم من أئمة الشيعة الذين يقولون بمقالات المعتزلة وينفون الصفات جميعها: صفة اليدين، وصفة الوجه، ويقولون بنفس مقالة المعتزلة تماماً، ويحتجون بحججهم التي كانوا يحتجون بها وكذلك الخوارج وبالذات الأباضية أو الإباضية فهم يقولون بمقالات المعتزلة، ويحتجون بأدلتهم، فمثلاً: علي الخليلي مفتي عمان ألف كتاباً سماه: الحق الدامغ، وقد بناه على مسائل المعتزلة، وبناه على أن القرآن مخلوق، وأن الله لا يرى يوم القيامة، وبناه على نفي الصفات، وهو كتاب موجود الآن لمفتي الإباضية في عمان.
وكذلك وجدت أفكار المعتزلة عند أصحاب العقلانية المعاصرة، فأفكارهم موجودة وهي ما يسمونها بحرية الإرادة، وقد صنف بعض المصنفين كتباً مثل: محمود قاسم وغيره من الكتاب الذين لهم كتب عن حرية الإرادة، ويقصدون بذلك نفي القدر، وأن الله عز وجل لم يكتب الأشياء، ولم يقدرها، وينفون القدر ويقولون بمقالة المعتزلة، ويعتبرون أن المعتزلة أصحاب ثورة تحريرية عن الفكر السلفي الجامد، وما يزال أصحاب المدرسة العصرية على نفس أفكار المعتزلة في تقديم العقل على النقل، لكن المعتزلة كفرقة تؤمن بالأصول الخمسة التي ذكرها أئمتهم لا توجد الآن.