[الفرق بين المسابقة في عمل الخير والدعوة وبين العجلة المنهي عنها]
السؤال
فضيلة الشيخ! تكلمت عن المسابقة مع الزمن في عمل الخير والدعوة، فلو تذكر الفرق بين ذلك وبين العجلة المنهي عنها في الدعوة؟
الجواب
المسابقة هي أن يستغل جميع الوقت في عمل الخير؛ لأنك إذا تأخرت في الإقدام على الخير فإن أهل الشر لن يتأخروا في الإقدام على الشر، والدعوة إليه، وتحبيب الباطل والشهوات إلى الناس، فإن أنت سابقتهم فصاحب الخير سابق بإذن الله.
أما العجلة المنهي عنها في بعض الآيات وفي بعض الأحاديث، كقوله جل وعلا:{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ}[الروم:٦٠]، وكقوله عليه الصلاة والسلام:(ولكنكم قوم تستعجلون)، هذا المراد به العجلة في حصول ما وعد الله جل وعلا به من النصر لأوليائه، والعز لأهل طاعته، والذل لأهل معصيته، فنهي العبد عن أن يستعجل قدر الله جل وعلا، أو أن يستعجل أمر الله جل وعلا.
الأمر الثاني مما نهي عنه في الاستعجال: أن تحمل العجلة المرء أن يرتكب منهياً عنه في الدعوة، أو أن يرتكب وسيلة من الوسائل التي لا يقرها أهل السنة والجماعة، ولا توافق ما جاءت به النصوص لأجل تحصيل الخير، فإن أهل السنة ليست عندهم الغاية تبرر الوسيلة، بل لابد أن تكون الوسيلة مشروعة حتى توصل إلى الغاية المحمودة، وإذا نظرت إلى قصص الأنبياء.
فهذا نوح عليه السلام مكث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاماً، وما آمن معه بعد ذلك إلا قليل، كما قال جل وعلا:{وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ}[هود:٤٠].
قال المفسرون: إن الذي آمن مع نوح بضعة عشر ما بين رجل وامرأة، وأكثر ما قيل: إنهم كذا وسبعون ما بين رجل وامرأة، هذه حصيلة ألف سنة إلا خمسين عاماً.
ليس المقصود أن تحصَّل النتائج، ولكن المقصود أن تسعى في الدعوة وفي الخير والإصلاح على نور من الله، وعلى وفق ما قرره أهل العلم، وما دلت عليه النصوص؛ حتى تكون هذه العبادة وهي الدعوة صائبة، أما إذا استعجل المرء في الإصلاح، واتخذ وسيلة غير مقرة شرعاً لأجل أن يصل إلى النتيجة بالعجلة، فإنه لو وصل لا يكون محموداً؛ لأنه اتخذ وسيلة غير مشروعة، فلابد أن تكون الوسيلة مشروعة، ولابد أن تكون الغاية محمودة، والله أعلم.