[دلالة أسماء الله تعالى على إثبات الاسم والصفة والأثر]
وخلاصة هذه القاعدة هي: أن أسماء الله عز وجل تدل على ثلاثة أمور: الأول: إثبات الاسم لله سبحانه وتعالى.
الثاني: إثبات ما تضمنه من الصفة لله سبحانه وتعالى.
الثالث: إثبات أثرها ومقتضاها الذي يحصل للناس.
ومن الأشياء اللطيفة التي ذكرها الشيخ محمد بن عثيمين حفظه الله أن أهل العلم أخذوا حكماً فقهياً من أسماء الله وصفاته، وهذا يدل على أن أسماء الله وصفاته لها آثار على الناس، فمثلاً قول الله عز وجل في قطاع الطرق: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:٣٤]، فقوله: ((فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ))، يعني: إن وجدتموهم بعد أن تابوا فإن هذا يسقط عنهم الحد، وأن الله عز وجل قد غفر ذنوبهم وأسقط عنهم الحد.
والمصنف ذكر أن أسماء الله عز وجل تدل على معان وهي الصفات، ثم ذكر أن الصفات تنقسم إلى قسمين: صفات متعدية.
وصفات غير متعدية.
ثم قال: إن الصفات المتعدية إذا أُخذت من الأسماء فإن هذه الأسماء تدل على ثلاثة أشياء سابقة الذكر.
وأما الصفات غير المتعدية إذا أخذت من الأسماء فإنها تدل على أمرين فقط: وهو ثبوت الاسم وثبوت الصفة فقط.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [أسماء الله تعالى إن دلت على وصف متعد تضمنت ثلاثة أمور: أحدها: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنها لله عز وجل.
الثالث: ثبوت حكمها ومقتضاها.
ولهذا استدل أهل العلم على سقوط الحد عن قطاع الطريق بالتوبة؛ استدلوا على ذلك بقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [المائدة:٣٤]؛ لأن مقتضى هذين الاسمين أن يكون الله تعالى قد غفر لهم ذنوبهم ورحمهم بإسقاط الحد عنهم.
مثال ذلك: السميع يتضمن إثبات السميع اسماً لله تعالى، وإثبات السمع صفة له، وإثبات حكم ذلك ومقتضاه، وهو أنه يسمع السر والنجوى، كما قال تعالى: {وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ} [المجادلة:١].
وإن دلت على وصف غير متعد تضمنت أمرين: أحدهما: ثبوت ذلك الاسم لله عز وجل.
الثاني: ثبوت الصفة التي تضمنتها لله عز وجل.
مثال ذلك: الحي يتضمن إثبات الحي اسماً لله عز وجل، وإثبات الحياة صفة له].
يلاحظ الآن من كلام الشيخ أنه يقسم أسماء الله عز وجل إلى قسمين: قسم يتضمن معان متعدية.
وقسم يتضمن معان غير متعدية.
فالمتعدية يكون لها آثار على المخلوقين، فيقول: الأسماء التي لها آثار على المخلوقين وهي المتعدية، تتضمن ثلاثة أمور: إثبات الاسم، وإثبات الصفة، وإثبات الأثر المتعدي على المخلوقين.
وأما الأسماء التي تتضمن معان غير متعدية فلا يؤخذ منها إلا أمرين: الأمر الأول: إثبات الاسم.
والأمر الثاني: إثبات الصفة المأخوذة من هذا الاسم فقط.
وأقول: الصحيح هو أن أسماء الله سبحانه وتعالى المتعدية وغير المتعدية تدل على ثلاثة أمور فكل أسماء الله عز وجل تدل على إثبات الاسم لله، وتدل على إثبات الصفة، وتدل على الآثار، فإنه لا يوجد اسم من أسماء الله تعالى ليس له آثار على الناس، بل كلها لها آثار، وسيأتي معنا إن شاء الله أن الصفات وبالذات الأفعال تنقسم إلى قسمين: أفعال لازمة وأفعال متعدية، فمثل الفعل اللازم الاستواء والرضا والغضب ونحو ذلك من الأفعال اللازمة، وأما الأفعال المتعدية، فهي أفعال الربوبية، مثل: الخلق والرزق والإحياء والإماتة ونحو ذلك، لكن الأسماء عموماً لابد أن يكون لها آثار، وآثارها إما أن تكون آثاراً كونية وإما أن تكون آثاراً إيمانية.
فمثلاً: اسم الخالق يؤخذ منه إثبات اسم الله الخالق ويؤخذ منه إثبات صفة الخلق لله تعالى، ويؤخذ منه إثبات أن الله سبحانه وتعالى هو خالق هذه المخلوقات الموجودة، فله أثر من آثار الفعل، ومن آثار الصفة، ومن آثار الاسم.
وأما اسمه الحي الذي ذكر الشيخ أنه يدل على أمرين فإن له أثراً؛ وهو أثر إيماني وجداني، وكل أسماء الله لابد أن يكون لها أثر إيماني وسلوكي على الإنسان، ويدل على ذلك فعل من الأفعال اللازمة التي تأثر بها أحد الصحابة رضوان الله عليهم أثراً كبيراً وهي صفة الضحك، فقد سمع لقيط بن صبرة رسول صلى الله عليه وسلم يقول: (يضحك ربنا من قنوط عباده وقرب غيره، فقال: يا رسول الله! أويضحك الرب؟ قال: نعم، قال: لن نعدم من رب يضحك خيراً) فاستفاد من هذه الصفة -وهي صفة لازمة غير متعدية- أثراً متعدياً لنفسه، ولهذا كل أسماء الله عز وجل سيكون لها تأثير في النفوس، تأثير إيماني وتأثير كوني في بعض الأحيان، فينبغي الاهتمام بهذه القضية، ولهذا يجتمع في آثار أسماء الله سبحانه وتعالى المسلكان اللذان سبق أن ذكرتهما في الدرس الماضي، فمن مسالك السلف رضوان الله عليهم في العقيدة مسلك التصحيح ومسلك التعميم، فمسلك التصحيح يكون بالتالي: أولاً: