[قاعدة: أسماء الله تعالى غير محصورة بعدد معين]
القاعدة السادسة هي حول أسماء الله عز وجل، وهل هي محصورة في عدد معين؟ وإذا كانت محصورة فما هي؟ أو أنها غير محصورة في عدد معين؟ مذهب أهل السنة أن أسماء الله سبحانه وتعالى ليست السنة ليست محصورة في عدد معين، ويدل على ذلك ما رواه الإمام أحمد وابن حبان والحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحداً قط هم ولا حزن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك، عدل في قضاؤك، أسأل بكل اسم هو لك سميت به نفسك) -هذه أقسام أسماء الله عز وجل- (سميت به نفسك) هذا أولاً- (أو أنزلته في كتابك) هذا ثانياً، (أو علمته أحداً من خلقك) هذا ثالثاً، (أو استأثرت به في علم الغيب عندك)، إلى آخر الحديث.
وموضع الشاهد من الحديث هو قوله: (أو استأثرت به في علم الغيب عندك) فإنه يدل على أن هناك أسماء لله سبحانه وتعالى في الغيب لم يخبرنا عنها، وبناءً على هذا نقول: إن أسماء الله سبحانه وتعالى ليست محصورة بعدد معين.
وهذا الحديث حسنه الحافظ ابن حجر رحمه الله في كتابه: نتائج الأفكار في تخريج الأذكار، والحافظ ابن حجر له كتاب خرج فيه أذكار النووي على مجالس وكان يمليها، فحسن هذا الحديث في هذا الكتاب.
لكن ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث قد يشكل على البعض، وهذا الحديث ثابت في الصحيحين وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحداً من أحصاها دخل الجنة).
وقد يكون الإشكال عند البعض في قوله: (من أحصاها) فقد يفهم منه على أنه بالإمكان أن تحصى أسماء الله سبحانه وتعالى، مع أننا نقول: إن أسماء الله عز وجل ليست محصورة في عدد معين بحيث يمكن للإنسان أن يحصيها بغير استثناء.
وكما قلنا: إنه لا يمكن إحصاء أسماء الله عز وجل التي سمى بها نفسه مطلقاً، ويدل على هذا الحديث الذي سبق عندما قال: (واستأثرت به في علم الغيب عندك) فإن قوله هذا يدل على أنه لا يمكن إحصاؤها؛ لأن الغيب لا يمكن إحصاؤه بالنسبة للإنسان، لكن هذا الحديث وهو قوله: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) أورده العلماء رحمهم الله وأوردوا الإشكال الذي يقع فيه وأجابوا عنه، بل نقل النووي رحمه الله اتفاق العلماء على أن هذا الحديث لا يدل على أن أسماء الله عز وجل محصورة في عدد معين.
وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن القول بأن أسماء الله عز وجل ليست محصورة في عدد معين هو قول جمهور العلماء؛ وذلك لأن ابن حزم رحمه الله في كتابه المحلى ذكر أن أسماء الله عز وجل محصورة في عدد معين وهي التسعة والتسعين واستدل بهذا الحديث.
وأما حديث: (من أحصاها دخل الجنة) فإن الإجابة عليه كما ذكرها عدد من أهل العلم ومنهم الإمام النووي في شرح مسلم وفي الأذكار، ومنهم الخطابي رحمه الله في شأن الدعاء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مواضع من كتبه.
الجواب عن هذا هو: أن الإحصاء في هذا الحديث هو للتسعة والتسعين اسماً وليس لكل أسماء الله سبحانه وتعالى.
فالإحصاء المترتب عليه الجزاء خاص بالتسعة والتسعين، وهذا مثل قول الإنسان: عندي مائة ريال أعددتها للصدقة، وهذا لا يعني أن كل ما يملك هو المائة الريال؛ لأنه من الممكن أن يكون لديه مائة ريال أخرى أعدها لغير الصدقة، لأن هذه المائة مائة معينة أعدها للصدقة.
وكذلك التسعة والتسعون اسماً ليست كل أسماء الله عز وجل، لكن هي التي رتب عليها الثواب بدخول الجنة إذا أحصيت.
فذكر العدد لا يعني الحصر، ومثل ذلك عندما يقول إنسان مثلاً: لي زميل وهو فلان، فهذا لا يعني أنه لا زميل له إلا هو.
وبناءً على هذا يكون معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعاً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة) يعني: أن هذه التسعة والتسعين هي التي رتب عليها الثواب بدخول الجنة إذا أحصيت.
وهناك أسماء أخرى لله عز وجل زيادة على التسعة والتسعين لم يرتب عليها هذا الثواب، ويدل على ذلك عدة أمور، منها الحديث السابق وهو أن هناك أسماء كثيرة استأثر الله عز وجل بها في علم الغيب، والغيب لا يمكن إحصاؤه.
ويدل على ذلك أيضاً: أن الأسماء الحسنى الواردة في الكتاب والسنة أكثر من تسعة وتسعين، وقد ذكر ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وابن العربي في كتابه العواصم من القواصم.
فالإنسان إذا عد أسماء الله عز وجل في القرآن وفي السنة يجد أنها أكثر من تسعة وتسعين اسماً.
وطائفة منها اختلف العلماء هل هي أسماء لله عز وجل أو أنها ليست أسماء، وبناءً على هذا يكون المعنى السابق هو توجيه هذا الحديث الذي ذكرنا.