الحق الذي يرضاه الله جل وعلا وهو حكمه الشرعي واحد لا يتعدد في المسائل التي اختلف فيها العلماء، ليس ثم حق وحق وحق، بل الحق واحد، ومن خالف الحق إما أن يكون مخطئاً معذوراً، وإما أن يكون عاصياً.
وأما الحق الذي عنيناه فهو فروع ذلك الحق، وهذا كقوله جل وعلا:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام:١٥٣]، فوحد الصراط، وجعله صراطاً واحداً، وجعل سبل الباطل كثيرة، فقال:((وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ)) ومع ذلك جعل الله جل وعلا لسبيل الحق سبلاً، قال سبحانه:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت:٦٩].
وهذه السبل في داخل الصراط يجمعها سبيل واحد وهو القرآن وهو الإسلام وهو السنة، كما فسر بذلك قوله جل وعلا:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ}[الفاتحة:٦] يعني: أن الصراط المستقيم هو الإسلام وهو السنة وهو القرآن، وهذا الصراط في داخله سبل شعب، لكن ليست مخالفة لذلك الصراط وليست مبعدة عنه، بل هي فيه، فكذلك إذا قلنا: إن الحق أنواع، وإن الحق له فروع وشعب، فنريد به فروع الحق الداخلة في السبيل الواحد وفي الحق الواحد.