[سبب تصنيف الكتاب]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ومن أجل منزلته هذه، ومن أجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل أو التعصب تارة أخرى، أحببت أن أكتب فيه ما تيسر من القواعد راجياً من الله تعالى أن يجعل عملي خالصاً لوجهه موافقاً لمرضاته نافعاً لعباده.
سميته: القواعد المثلى في صفات الله تعالى وأسمائه الحسنى].
والقواعد التي ذكرها الشيخ على قسمين: قواعد في المسائل، وقواعد في الدلائل؛ لأن العلم في العقيدة يشتمل على المسائل وعلى الدلائل، فالمسائل ذكر قواعد في أسماء الله وصفاته.
والدلائل ذكر قواعد في أدلة الأسماء أدلة الصفات، ثم ختمه في الحديث عن معية الله تعالى، وعن الرد على أهل التأويل من الأشاعرة والماتردية والمعتزلة.
والواجب هو أن يسير الإنسان على منهاج السلف الصالح رضوان الله عليهم في المسائل وفي الدلائل، فإننا مطالبون بأن نوافق سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في مسائل العقائد، كما أننا مطالبون أيضاً بالاستدلال بمنهاج السلف في العقائد، فليست كل طريقة من طرق الاستدلال صحيحة، فأهل الكلام يستدلون مثلاً على الوحدانية بدليل التمانع، ويستدلون على وجود الله عز وجل بدليل حدوث الأجسام، ويستدلون على إبطال التسلسل بدليل القطع والتطبيق مثلاً، وعندهم أدلة يستدلون بها، وهي أدلة بدعية، مبتدعة.
والمميز والضابط بين الأدلة السنية، والتي هي على وفق منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم، والأدلة البدعية المخالفة لمنهاج السلف هو: أولاً: أن الأدلة السلفية لا تتضمن أموراً تبطل العقيدة، أي: أنها لا تتضمن قواعد، سواء قواعد عقلية، أو غيرها، فهي لا تتضمن قواعد تبطل العقيدة، ولكنها متوافقة ومنسجمة بعضها مع بعض، فالدليل الذي ينص على توحيد الله عز وجل تجد أنه منسجم مع الدليل الذي يدل على الإيمان، ومنسجم مع الدليل الذي يدل على البعث، ومنسجم مع الدليل الذي في صفات الله، وهكذا تجد الأدلة الشرعية متناسقة يكمل بعضها بعضاً.
لكن الأدلة المبتدعة التي جاء بها أهل الكلام يضرب بعضها بعضاً، ويبطل بعضها بعضاً، وهكذا الباطل، فإنه يحطم بعضه بعضاً، ويكسر بعضه بعضاً، فتجد أن دليل حدوث الأجسام عند المتكلمين يلتزمون فيه نفي صفات الله تعالى، وفناء الجنة والنار، ويلتزمون فيه بعقائد باطلة كثيرة جداً، منها عقائد متعلقة باليوم الآخر، ومنها عقائد متعلقة بأسماء الله وصفاته وهكذا.
ولهذا وضع الشيخ قواعد -كما قلت- في المسائل، ووضع قواعد في الدلائل، وقد نبه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله إلى أهمية الاعتناء بمنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم في المسائل وفي الدلائل في أول كتابه: درء تعارض العقل والنقل، فإنه أول ما ذكر قانون الرازي الذي يقدم العقل فيه على النقل، وبين فيه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أن الإنسان ينبغي عليه أن يضبط عقيدته في هذين الأمرين.
والحقيقة أن هناك مصادر أخذ منها الشيخ هذه القواعد.
ومصدر الشيخ في فصل: قواعد في أسماء الله تعالى هو كتاب بدائع الفوائد، وأكثر القواعد الموجودة في هذا الفصل مأخوذة من كتاب بدائع الفوائد، لـ ابن قيم الجوزية، ففي المجلد الأول ذكر تقريباً عشرين قاعدة في أسماء الله تعالى، منها هذه القواعد التي ذكرها الشيخ.