[الأدلة على أن أسماء الله تتضمن صفات]
هناك دليلان على أن أسماء الله سبحانه وتعالى تتضمن صفات: الدليل الأول: أن الله سبحانه وتعالى وصف أسماءه بأنها حسنى، ومعنى حسنى: أي أنها تدل على معان حسنى، وتدل على صفات حسنى، والأسماء الجامدة التي لا معاني لها ليست بحسنة، ومن هنا فكل اسم من أسماء الله عز وجل يتضمن صفة من صفاته، فالدليل على أن أسماء الله تتضمن صفات الله عز وجل مأخوذ من الآيات الواردة التي سبق أن ذكرناها والتي وصف الله سبحانه وتعالى أسماءه بأنها حسنة، مثل قول الله عز وجل: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا} [الأعراف:١٨٠]، وقد ذكر هذا شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه العظيم درء تعارض العقل والنقل.
الدليل الثاني: وقد ذكره المصنف وهو قوله: (وإنما قلنا بأنها أعلام وأوصاف لدلالة القرآن عليها، فإن الإنسان وهو يقرأ أسماء الله في القرآن يقرأ أيضاً صفات لله عز وجل مطابقة لهذه الأسماء).
ويمكن أن نمثل بمثال ذكره المصنف وهو قوله تعالى: {وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [يونس:١٠٧]، فالغفور يتضمن صفة المغفرة، والرحيم يتضمن صفة الرحمة، وقوله تعالى: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} [الكهف:٥٨]، يدل على أن الرحيم هو صاحب الرحمة، فإن الآية الثانية دلت على أن الرحيم هو المتصف بالرحمة.
ويمكن أن نذكر أمثلة أخرى، منها: أن من أسماء الله سبحانه وتعالى القوي العزيز، ويقول الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات:٥٨]، فمن صفاته أنه ذو القوة، ومن أسمائه القوي، فهذا دليل على أن اسمه القوي يتضمن صفته القوة.
وأما العزيز فيقول الله عز وجل: {فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا} [فاطر:١٠]، فاسمه العزيز يتضمن صفة العزة.
ومن ذلك أيضاً اسمه العليم، ومن صفاته العلم، قال الله عز وجل: {وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ} [البقرة:٢٥٥]، فهذا يدل على أن اسمه العليم يتضمن صفة العلم.
ويقول الله عز وجل: {فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ} [هود:١٤]، وهذا يدل على أن الله عز وجل اسمه العليم وله صفة متعلقة به وهي العلم.
مثال آخر: البصير من أسماء الله سبحانه وتعالى، وقد جاء في الحديث الذي رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لو كشفه) أي: لو كشف عن وجهه، (لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه)، فهذا يدل على أن له بصر، وأنه هو البصير.
وأيضاً القدير اسم من أسماء الله سبحانه وتعالى ووصف له، فقد جاء في حديث الاستخارة الثابت في البخاري من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة -إلى أن قال في دعاء الاستخارة- اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك)، فهذا يدل على أن لله قدرة وأنه هو القدير.
وهذه الأدلة التي سقناها تدل على القاعدة التي ذكرها المصنف، وهو: أن كل اسم من أسماء الله يتضمن صفة من صفات الله سبحانه وتعالى.
كما ذكر دليلاً ثالثاً، وهو إجماع أهل اللغة والعرف أنه لا يطلق عليم إلا لمن له علم، ولا يطلق: قدير إلا لمن له قدرة، ولا سميع: إلا لمن له سمع، ولا بصير: إلا لمن له بصر، وهذا أمر أوضح من أن يحتاج إلى دليل.
وهناك دليل واضح أيضاً: وهو أننا نجد في الموجودات مقدورات ومعلومات، وهذه المقدورات تدل على قدرة، وهذه المعلومات تدل على علم، فالمقدورات والمعلومات الموجودة دليل على وجود القدرة والعلم عند الباري سبحانه وتعالى، وأنها مأخوذة من اسمه العليم القدير كما سيأتي إيضاحه وشرحه.