واستعمل لفظ الكفر في القرآن على أربعة أضرب: الأول: أعظمها وهو جحود الوحدانية أو الشريعة أو النبوة، وهو أن إقرار الفطرة بالمعرفة الواضحة الضرورية يستره الكافر بالجحود؛ أي بجحود الوحدانية أو النبوة أو الشريعة أو ثلاثتها، قال الله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ [البقرة:٦]. الثاني: إنكار المعرفة، قال الله تعالى: فَلَمّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ [البقرة:٨٩]. وقال الله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ [النحل ١٠٦/]. الثالث: الكفر بمعنى ضد الشكر، والفرق بين الكفر ضد الإيمان والكفر ضد الشكر أن الأول يتعدى بالباء نحو قوله تعالى: فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ [البقرة:٢٥٦]، ومثال الثاني: يتعدى بنفسه قال الله تعالى: أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ [النمل ٤٠/].وقال الله تعالى: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ [إبراهيم ٧/]. الرابع: استعمل لفظ الكفر للدلالة على البراءة من الكفار، قال الله تعالى: إِنَّنِي بَراءٌ مِنْكُمْ وَمِمّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ كَفَرْنا بِكُمْ [الممتحنة:٤] أي تبرأنا منكم، وقوله تعالى: ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ [العنكبوت:٢٥]. وخلاصة القول: إن الكفر أربعة أنواع: الأول: كفر الإنكار، وهو أن يكفر بقلبه ولسانه، وأن لا يعترف بما يذكر له من التوحيد. والثاني: كفر الجحود، وهو أن يعرف بعقله ويطمئن قلبه ولا يقر بلسانه. والثالث: كفر عناد، وهو أن يعرف بعقله ويطمئن قلبه ويقر بلسانه ولا يدين به ككفر أبي جهل. والرابع: كفر نفاق، وهو أن يقر بلسانه ولا يعتقد بقلبه. والجميع سواء؛ لأن الله لا يصلح عمل المفسدين. وفي الكليات: ص ٧٦٥؛قال الكفوي: «والكافر اسم لمن لا إيمان له، فإن أظهر الإيمان فهو المنافق، وإن طرأ كفره بعد الإيمان فهو المرتدّ، وإن قال بإلهين أو أكثر فهو المشرك، وإن كان متديّنا ببعض الأديان والكتب المنسوخة فهو الكتابيّ، وإن قال بقدم الدهر وإسناد الحوادث إليه فهو الدهريّ، وإن كان لا يثبت الباري فهو المعطّل، وإن كان مع اعترافه بنبوّة النبيّ يبطن عقائد هي كفر بالاتفاق فهو الزنديق».