فيمن نزلت هذه الآية، قال ابن جريج:(نزلت في المنافقين) وقال الحسن: (في أهل الكتاب).ويقال: في مشركي العرب.
قوله عزّ وجلّ:{*إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ}(٢٢)؛معناه: أن شرّ الخليقة على وجه الأرض الكفّار الذين لا يسمعون الهدى، ولا يتكلّمون بالخير، ولا يتدبّرون القرآن. وسمّاهم صمّا بكما؛ لأنّهم لم ينتفعوا بما سمعوا من دلائل الله تعالى، قال الأخفش:(كلّ محتاج إلى غذاء فهو دابّة).ومعنى الآية: إن شرّ ما دبّ على وجه الأرض من خلق الله تعالى الصمّ البكم عن الحقّ، فهم لا يسمعونه ولا يعقلونه. وقيل: صمّ القلوب وعميها، قال الله تعالى:{فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ}(١).
قوله تعالى:{وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ؛} أي لو علم الله فيهم أنّهم يصلحون بما نورده عليهم من الحجّة بآياته لأسمعهم إيّاها. وقيل: لأسمعهم جواب كلّ ما سألوه عنه، {وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا؛} ولو بيّن لهم كلّ ما يختلج في أنفسهم لتولّوا عن الهدى، {وَهُمْ مُعْرِضُونَ}(٢٣)؛لمعاندتهم.
قوله عزّ وجلّ:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ؛} معناه: أجيبوا الله والرسول. وقيل: معنى الإجابة طلب الموافقة للدّاعي على وجه الطاعة. وقيل: الجمع بين الاستجابة لله وللرسول؛ أي استجيبوا لله بسرائركم وللرسول بظواهركم.
وقوله تعالى: {(إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ)} أي إذا دعاكم إلى العلم الذي يحييكم في أمر الدّين. وقيل: معناه: إذا دعاكم إلى الجهاد الذي يحيي أمركم. وقيل: إذا دعاكم إلى ما يكون سببا للحياة الدّائمة في نعيم الآخرة؛ لأنه إذا حصل الامتثال بأمر الله ورسوله، حصلت هذه الحياة الدائمة، وإن لم يحصل الامتثال أدّى ذلك إلى العقاب الذي يتمنّى معه الموت. قال القتيبي:(معنى قوله تعالى: {(لِما يُحْيِيكُمْ)} يعني الشّهادة؛