للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ؛} أي وإن تنتهوا عن الشّرك والمعاصي فهو خير، {وَإِنْ تَعُودُوا؛} إلى القتال، {نَعُدْ؛} بأن نأمر المسلمين بجهادكم وننصرهم عليكم. وقال بعضهم: هذه الآية خطاب للمؤمنين؛ أي استنصروا الله واسألوه الفتح فقد جاءكم الفتح والنصر، وإن تنتهوا عن فعلكم في الأسارى والفداء يوم بدر فهو خير لكم، وإن تعودوا إلى فعلكم بالأسارى نعد إلى الإنكار عليكم، {وَلَنْ تُغْنِيَ عَنْكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً؛} أي وإن سلب عنكم النصر حتى لا تغني عنكم جماعتكم شيئا، {وَلَوْ كَثُرَتْ؛} في العدد. قوله تعالى: {وَأَنَّ اللهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} (١٩)؛قرأ نافع وابن عامر بخفض «(إنّ)» وبفتح «(أنّ)» بمعنى ولأن الله، وقيل: عطف على قوله {(وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ)،} وقيل: على معنى واعلموا أنّ الله، وقرأ الباقون «(وإنّ الله)» بالكسر على الابتداء، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم؛ لأن قراءة عبد الله: «(وإنّ الله لمع المؤمنين)» (١) بالنصر والمعونة.

قوله عزّ وجلّ: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ} (٢٠)؛أي أطيعوا الله ورسوله في أمر الغنيمة وغيرها، ولا تولّوا عن أمر الله، وأنتم تسمعون ما أنزل الله تعالى، وقال الحسن: (معناه وأنتم تسمعون الحجّة في وجوب طاعة الله وطاعة رسوله).

وأما تخصيص المؤمنين بالأمر لهم بالطّاعة وإن كانت هذه الطاعة واجبة على غير المؤمنين كوجوبها على المؤمنين، فلأحد معنيين: إما إجلالا لهم ورفعا لقدرهم فيدخل غيرهم في الخطاب على جهة التّبع لهم، وإما لأنه لم يعتدّ بغير المؤمنين؛ لإعراضهم عما وجب عليهم.

قوله تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} (٢١)؛ أي لا تكونوا كالذين قالوا سمعنا على جهة القبول، وهم لا يسمعون للقبول، وإنما سمعوا به للردّ والإعراض عنه، ويقال: معناه: ولا تكونوا كالّذين قالوا قبلنا وهم لا يقبلون، ومنه قوله [سمع الله لمن حمده] أي قبل الله حمد من حمده. واختلفوا


(١) في جامع البيان: مج ٦ ج ٩ ص ٢٧٨؛ قال الطبري: ((وقرأ ذلك عامة قرّاء الكوفيين والبصريين: (وإنّ الله) بكسر الألف على الابتداء، واعتلوا بأنها في قراءة عبد الله (وإنّ الله لمع المؤمنين)).

<<  <  ج: ص:  >  >>