للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله عزّ وجلّ: {ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ} (١٨)؛أي ذلكم الذي ذكرت لكم من القتل والرّمي والإبلاء الحسن، (وأنّ الله) أي واعلموا أنّ الله، وفي فتح (أنّ) من الوجوه مثل ما في قوله: {وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النّارِ} وقد بيّناه. وقوله تعالى: {(مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ)} أي مضعف كيدهم. قرأ أهل الكوفة إلاّ حفصا وابن يعقوب وابن عامر «(موهن)» بالتخفيف، «(كيد)» بالنصب، وقرأ الحسن والأعمش وحفص «(موهن كيد)» مخففا مضافا بالخبر طلبا للخفّة كقوله: {مُرْسِلُوا النّاقَةِ} (١) {كاشِفُوا الْعَذابِ} (٢).

قوله تعالى: {إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ؛} هذا خطاب للكافرين، وذلك أنّ أبا جهل قال يوم بدر قبل القتال لهم: اللهمّ انصر أعزّ الجندين وأكرم الفئتين وخير الدّينين، اللهمّ أيّنا أقطع للرحم وأفسد للجماعة فأحنه اليوم.

فاستجاب الله دعاءه على نفسه، فأتاه بالفتح فضربه ابنا عفراء عوف ومعاذ وأجهز عليه ابن مسعود (٣).

وقال السديّ والكلبي: (كان المشركون حين خرجوا إلى بدر، تعلّقوا بأستار الكعبة، وقالوا: اللهمّ انصر أعلى الجندين وأهدى الفئتين وأكرم الحزبين وأفضل الدّينين، اللهمّ أيّ الفئتين أحبّ إليك فانصرهم، اللهمّ اقض بيننا وبينهم. فأنزل الله هذه الآية، إن تستنصروا فقد جاءكم النّصر، فنصر محمّد صلّى الله عليه وسلّم) (٤).وقال عكرمة:

(قال المشركون: اللهمّ لا نعرف ما جاء به محمّد، فافتح بيننا وبينه بالحقّ. فأنزل الله هذه الآية {(إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ)} أي إن تستحكموا فقد جاءكم الحكم، وإن تستقضوا فقد جاءكم القضاء) (٥).


(١) القمر ٢٧/.
(٢) الدخان ١٥/.
(٣) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٣٠٦) عن الزهري مرسلا بإسنادين، وفي الرقم (١٢٣٠٧) عن عبد الله بن ثعلبة.
(٤) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٣٠٩) عن السدي.
(٥) أخرجه الطبري في جامع البيان: الأثر (١٢٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>